بيان أسباب استحالة وامتناع الالتقاء والاتفاق بين أهل السنة والرافضة عقلًا وشرعًا، تفصيلًا:
السبب الأول: اختلاف مصادر التلقي والاستدلال عند الفريقين
أ- مصادر التلقي والاستدلال عند أهل السنة والجماعة
إن مصادر التلقي والاستدلال عند أهل السنة تُعَدُّ أصلًا أصيلًا لا يُحاد عنه أبدًا، وأساس متين لا يقبل المساومة ولاسيما إذا كان تعلقه بالعقيدة التي هي أساس الملة والدين.
وبشيء من الإيجاز والاختصار، فإن مصادر التلقي والاستدلال عند أهل السنة تنقسم إلى: مصادر أصليَّة، ومصادر فرعيَّة.
أما المصادر الأصليَّة فهي: الكتاب والسنة، وما يُبنى عليهما من الإجماع.
وأما المصادر الفرعيَّة فهي: العقل الصحيح، والفطرة السليمة السوية.
قواعد الاستدلال عند أهل السنة
ويتفرع عن مصادر التلقي والاستدلال عند أهل السنة قواعد أصيلة منبثقة عن أصول الشريعة الغراء ولا تخرج عنها البتة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تلك القواعد بشيء من التفصيل والإيضاح في" منهاج السنة" وساق لها أمثلة عقلية وأخرى نقلية مستدلًا بها على تقعيده وتأصيله لتلك القواعد.
وهي على النحو التالي:
١ - جمع النصوص الواردة في الباب الواحد؛ لكي تتضح وتكتمل أجزاؤها. فمن أبرز أسباب انحراف المبتدعة في القديم والحديث: أنهم يأخذون نصَّاً ويدعون نصوصًا أخرى.
٢ - تعظيم النصّ الشرعي والوقوف عند حدوده.
٣ - ردُّ المتشابه إلى المحكم، بخلاف أهل البدع فإنهم يتّبعون المتشابه ويردُّون المحكم.
٤ - نصوص الشارع كلمات جوامع، فينبغي الاجتهاد في الجزئيات. وهذا الاجتهاد يسمى تحقيق المناط.
٥ - الموازنة بين المصالح والمفاسد.
٦ - الفتنة من صوارف الاهتداء بالحق: فإنَّها تمنع معرفة الحق أو قصده أو القدرة عليه.
٧ - العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
٨ - العبادة مبناها على الاتباع لا على الابتداع. (١)
ولاشك أن الروافض على العكس تمام من أهل السنة في هذا الأصل الأصيل.
(١) مصادر الاستدلال والتلقي بين أهل السنّة والرافضة، لأحمد الصويَّان، موقع: على بصيرة، بتاريخ: ١٠/ ١٩/ ١٤٣٨ هـ، وقد لخصها من مجموع كلام شيخ الإسلام في ثنايا كتابه "منهاج السنة"، الذي أجاد فيه وأفاد في بيان منهج الفريقين في الاستدلال والتلقي. فليراجع ثم هناك.