وقول الرماني لا يحتاج إلى زيادة بيان، إذ إنه يقول بالصَّرْفة ويرى أنها أحد وجوه الإعجاز عند المعتزلة.
٧ - القاضي عبد الجبار (ت: ٤١٥ هـ):
القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن الخليل بن عبدالله
الأسد آبادي المعتزلي (١).
وبسبب المعتقدات الفاسدة التي يعتقدها النظّام ويتبناها ويقول بها فقد كفره جمع من العلماء هو وفرقته، حتى إن بعض المعتزلة أنفسهم قد كفره كذلك.
موقف القاضي عبد الجبار وقوله في الصَّرْفة
القاضي عبد الجبار: " قد خالف جميع من تقدموه ممن تحدثوا عنها، ولم يرض عن تفسيراتهم، وأعطى القضية بعدًا أعمق، وفهما أنضج فقد أبعد مفهوم الجبرية الذي ساد في حديث - النظّام - والجاحظ- والرماني - عنها، لأنها كانت عندهم جميعا شيئًا خارجًا عن إرادة القوم، مجبورين عليه جبرًا". (٢)
وقدم بين يدي ذلك أدلة منها: -
أولًا: لو كانوا ممنوعين من الإتيان بكلام فصيح، أو قول بليغ، لكان ذلك لا يختص بكلام دون كلام، وأنه لو حصل ذلك في ألسنتهم، لما أمكنهم الكلام المعتاد، ولكن القوم ظلوا يتكلمون
ويأتون بالقول الفني الممتاز، ولم ينحدر مستوى بيانهم أو يهبط، ولكنه كان - على علوه - لا يرقى الى مستوى القرآن.
ثانيًا: ولو ثبت هذا المنع لكان في حد ذاته هو المعجز وليس القرآن، فان من سلك هذا المسلك في القرآن، يلزمه أن لا يجعل له مزية البتة.
ثالثًا: ولو ثبت هذا المنع بأية صورة من صوره لبطل بعض القرآن، ولما كان صحيحًا قوله تعالى: - (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) (الإسراء: ٨٨)
(١) - القاضِي عبد الجبار (٠٠٠ - ٤١٥ هـ = ٠٠٠ - ١٠٢٥ م).
عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي، أبو الحسين المعتزلي:
العلامة المتكلم، شيخ المعتزلة، أبو الحسن الهمذاني صاحب التصانيف، من كبار فقهاء الشافعية ولي قضاء القضاة بالري، وتصانيفه كثيرة تخرج به خلق في الرأي الممقوت. مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربعمائة من أبناء التسعين.
سير أعلام النبلاء، الطبقة الثانية والعشرون، القاضي عبد الجبار (١٧/ ٢٥٤).
(٢) التراث النقدي والبلاغي للمعتزلة - د. وليد قصاب - الدوحة - دار الثقافة - ط أولى سنة ١٩٨٥ م - ص ٣٢٠.