وقولك: ما أحسنني١, يعلمك أنه فعل, ولو كان اسمًا لكان ما أحسنني مثل ضاربي, ألا ترى أنك لا تقول: ضاربني.
والضرب الثاني: من التعجب: يا زيد أكرم بعمروٍ, ويا هند أكرم بعمروٍ, ويا رجلان أكرم بعمرو, ويا هندان أكرم بعمرو, وكذلك جماعة/ ٩٠ الرجال والنساء قال الله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِر} ٢.
وإنما المعنى: ما أسمعهم وأبصرهم٣. وما أكرمه٤, ولست٥ تأمرهم أن يصنعوا به شيئًا فتثنيّ وتجمع وتؤنث, وأفعل هو "فَعَلَ" لفظه لفظ الأمر في قطع ألفه وإسكان آخره, ومعناه إذا قلت: أكرم بزيد, وأحسن بزيد كرم زيد جدًّا, وحسن زيد جدًّا.
فقوله: بعمرو في موضع رفع كما قالوا: كفى بالله٦ والمعنى: كفى الله, لأنه لا فعل إلا بفاعل, وزيد فاعله إذا قلت: أكرم بزيد, لأن زيدًا هو الذي كرم, وإنما لزمت الباء هنا الفاعل٧ لمعنى التعجب, وليخالف لفظه لفظ سائر٨ الأخبار, فإن قال قائل: كيف صار هنا فاعلًا وهو في قولك: ما
١ يشير إلى دخول نون الوقاية، وهذا مذهب البصريين، أما الكوفيون فيذهبون إلى أن "أفعل" في التعجب اسم، وأنه جامد لا يتصرف، ولو كان فعلا لوجب أن يتصرف؛ لأن التصرف من خصائص الأفعال، فلما لم يتصرف وكان جامدًا وجب أن يلحق بالأسماء. وقد ورد هذا ابن الأنباري وفنده.
انظر: الإنصاف ١/ ٧٩.
٢ مريم: ٣٨.
٣ لأنه لا يقال الله عز وجل، تعجب، ولكنه خرج على كلام العباد، أي: إن هؤلاء ممن يجب أن يقال لهم: ما أسمعهم وأبصرهم في ذلك الوقت.
٤ ما أكرمه: ساقطة في "ب" أي: إن المعنى: ما أحسنه. وانظر ابن يعيش ٧/ ١٤٨.
٥ في "ب" وليس.
٦ أي: إن لفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلا على الفاعلية.
٧ هنا الفاعل: ساقط في "ب".
٨ سائر: ساقط في "ب".