فكأنه ستر شجاعته، والهجارس: أولاد الثعالب، والهصر: الأسد الذي يهصر كل شيء أي يدقه ويثنيه، واللواذ والملاوذة قال الفراء: لاذ فلان بفلان: إذا استتر به يلوذ، واللواذ. الملاوذة من الشيء، والتجدير: القصر مع غلط، يقال رجل مجدّر: إذا كان قصيرا غليظا، والملأمة: الاتفاق، يقال هذا الشيء لا يلائمني أي لا يوافقني. وفلان يلاوم فلاناً بالواو إذا كان كل واحد منهما يلوم صاحبه.
اخبرنا ابن دريد قال اخبرني عرب الحسين بن دريد عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي مخنف قال حدثني شيخان من أهل السراة قالوا: كان قصيب بن القاسم أحد بني منهب بن دوس من رجال العرب المشهورين نجدة وبأسا وإقداما، وكان جوادا لا يليق شيئا فخرج مرة في مسيرة من أصحابه يريد الغارة على بجيلة فصادفهم معّدين قد نذروا به وكان ماله للصعاليك من قومه وغيرهم يغزو بهم إذا اخصبوا ويمونهم إذا أورقوا، فكرّ راجعا يريد خثعم ولها جبال منكرة وشعاب وحلة آَسنة ذات عرين متواص، فكمن في بعضها أياما هو وأصحابه يقتاتون أحناش الأرض حتى أضرّ بهم ذلك وهوّا بالرجوع إلى بلادهم مخفقين، فأضحوا ذات يوم وقد جهدهم الجوع فقال لهم قصيب: يا قوم إنّا إن أقمنا على هذه الحال متنا خفاتا ثم رياء لهم فإذا بقرب الجبل في صحفة غائط إبل كالليل المظلم قد ملأت أصباره، فنزل إلى أصحابه فقال: يا قوم إني أرى بقرب هذا الجبل غائطا مشحونا لحما فهل لكم أن تدعز فيه بباقي تطيشنا فنطرد منه ما ملكنا طرده فان دفعنا حتى قاتلنا حتى نعتنق وسيقننا وان غلبنا عليه فقتلنا كان أعذر لنا في عشيرنا. قالوا: رأينا ما رأيت، ثم خرجوا من مكمنهم نحو السمت حتى أشفوا على الغائط فاطردوا من اقرب النعم إليهم صرمة ثم شلوّها ولا تحسسوا أحدا حتى ظنوا أن قد فاتوا بها وأناخوا وانتفعوا نقيعة لهم وعفى الليل الأثر وطخطخ النظر وباتوا آمنين قد ملأوا أيديهم.
فلما استرق السدف واستطار العمود واستثار وما سلا حتى انتهى بهم الطريق إلى ثنية، فلما شندوا في نقبها إذا شخص على شرفه منها كالنسر ملتفع بيت فلما دنوا منه وثب فأشاع بالإبل فانكفأت راجعة تخبط ما مرّت به كأن الرماح في اعجازها. ثم أقبل يهدج في آثارها فاعترضناه فرمى رجلا مناّ ففلق قلبه فكأنه كان ناذرا بالأمس، ثم رمى آخر فأقعده ثم رمى آخر فألحقه بهما ورماه رجل منّا فانبت السهم في ذراعه ثم اقبل يمضغ القدح حتى شطاه ورمى آخر منا فانتظم فخذيه فتكركرنا عنه راجعين ونحن أربعة ما شيء أحب إلينا من فراقه ولا أكره في عيوننا منه. ثم خرج يتبع الإبل وقد تفرقت عنه حتى جمعها ثم صاح: ليأتني منكم أحد، فتواكله أصحابي فقمت والله متكارها فأتيته، فقال: من القوم؟ قلت: وما رأيك إلى السؤال عن هذا؟ والله ما تطلبنا بدم ولا نرجوك لفقد ذمام. قال: لتخبرني فإني قد رأيت لكم وجوها خشيت لها. وكان أصحابي لما أقبلت إليه اتبعوني إشفاقا منهم عليّ فقلت: نحن قوم من الأزد قال: فأيهم أنت؟ قلت: هذه التي لا تحتاج إليها ولست مخبرك عنها وقد انزيت من قد رأيت، ودماؤنا في قومك وليست مطلولة فعليك شأنك يا شيخ، قال: أفلست مخبري عن شأنك اشهد إذا لم تخبرني عن نسبك. قلت: لا واللات ما إلى ذلك من سبيل. قال: فاخبروا قومكم إن دماءكم في بردى عثعث بن هادية التحافي ودونكم هذه الصرمة فاغتنموها فإني لست بمخبر عنكم فخذوا إن شئتم أو دعوا، فرجعنا إلى الصرمة فإذا فيها أربعون تزيد ذودا فأطردناها وأتينا برحالة منفولين موتورين فتعاهدنا أن لا نخبر من شأننا لأحد من قومنا فرجعنا إلى الحيّ وسئلنا عن أصحابنا فأخبرنا أّن حنفيا قتلهم. فأنّا بعد اوبتنا بثلاث في سامر للحي إذا بهاتف يهتف ويقول: المتقارب
ألا تسأل الفتية الآئبين ... إلى الحيّ بالمغنم الأخبث
بأناكد ما صرمة أحرزت ... وأجلبها للنثا المجبث
فليت قصيب وأشياعه ... غداة أحالوا على عثعث
تودأت الأرض من تحتهم ... وآضوا رمائم في الكنكت
ولم يلبسوا أصدتي طامث ... وأدنس من أصدة الطمث
فيا للرجال لا حدوثة ... تناط إلى النطف الممرث
فليتك بالصبّ من قبلها ... مليص تغاور في مفرث