٨٨٧ - ثم قال العراقيون: إذا نزل بالمسلمين نازلةٌ وأرادوا أن يقنتوا في الصلوات الخمس، ساغ، وإن لم يكن، وأرادوا القنوت من غير سبب، قالوا: قال الشافعي رحمه الله في الأم: لا يقنت. وقال في الأملاء: إن شاء قنت، وإن شاء، لم يقنت.
ثم جعلوا المسألة على قولين.
(١ وكان شيخي يقلب الترتيب ويقول: إن لم تكن نازلة، فلا قنوتَ إلا في صلاة الصبح، وإن كانت نازلة، فعلى قولين ١).
ثم ما نقله العراقيون من الإملاء، يشعر بأنه يتخير: إن شاء، قنت، وإن شاء، لم يقنت، وهذا يتضمن أن ترك القنوت في غير صلاة الصبح ليس من الأبعاض، والتخيير مصرح بهذا.
وإن كانت نازلة، فقد رأوا القنوت عندها من غير تخيير.
ولست أرى مع ذلك القنوت (٢) من الأبعاض، التي يتعلق بتركها سجود السهو.
٨٨٨ - وممّا يتعلق بأمر القنوت الجهر والإسرار، وقد ذكر أئمتنا في هذا وجهين: أحدهما - أن الجهر به مشروع (٣) وهو الظاهر.
والثاني - لا يجهر به، اعتباراً بالتشهد وغيره من أذكار الصلاة. ثم إن لم نر الجهر به أصلاً، قنت المأموم، كما يقنت الإمام، قياساً على سائر الأذكار.
وإن رأينا الجهر بالقنوت، فالمأموم إن كان يسمع صوت الإمام أمَّنَ، ولم يقنت، وإن كان موقفه بعيداً وكان لا يسمع، ففي قنوته وتأمينه من الخلاف ما ذكرناه في قراءة السورة. والخلاف في قراءة المأموم جارٍ في الصلاة السرية.
وإن رأينا الإسرار بالقنوت، فالمأموم يقنت وجهاً واحداً، والسبب فيه أن القنوت إذا رأينا الإسرار به، يلتحق بسائر الأذكار. والسورة وإن كان الجهر بها في بعض
(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) المراد قوت النازلة، غير قوت الصبح.
(٣) (ت ٢): مشروع للإمام.