الصلاة، وبين ألا يكون كذلك، خلافاً لمالك (١)، ولو جاز الكلام في مصلحة الصلاة، لما أمر الرجل بالتسبيح والمرأة بالتصفيق إذا ناب الإمامَ شيءٌ.
ثم مضمون هذا الفصل يوضحه أمران: أحدهما - في كلام من ليس معذوراً، والثاني - في المعذور وتفاصيل العذر.
فأما غير المعذور، فمهما (٢) عمد المصلّي مع ذكر الصلاة وعلمه بتحريم الكلام كلاماً (٣) خارجاً عن مراسم الشرع، في القراءة والتسبيح والدعاء، بطلت صلاته. ثم ما يأتي به، ينقسم إلى كلام مفهوم، وإلى حروف لا تفهم: فأما ما يفهم، فإنه على الشرائط التي ذكرناها، تبطل الصلاة وإن كان حرفا واحداً، فإذا قال: (عِ) أو (قِ) أو (شِ) من وعى ووقى ووشى، بطلت صلاته.
وإن كان أتى بحرف لا يُفهِم معنى، فالحرف الواحد لا يبطل الصلاة، وإن والى بين حرفين، بطلت صلاته؛ فإن أقل مباني الكلام في أصل اللسان حرفان.
ولو استرسل منه صوت غُفْل لا تقطّع فيه، ولا يسمى حرفاً، فسماعي عن شيخي فيه أنه لا يبطل الصلاة، ولو ذكر حرفاً ووصله بصوت غُفل؛ فإنه كان يتردد فيه، وهو لعمري محتمل؛ فإن الكلام حروف، والأصوات المرسلة من مباني الكلام.
والأظهر عندي أنه مع الحرف كحرف مع حرف؛ فإن الصوت الغُفل مَدّة، والمدّات تقع ألفاً أو واواً أو ياءً، وهي -وإن كانت إشباعاً لحركات- معدودةٌ حرفاً، وعندي أن شيخي ما تردد فيها، وإنما تردد في صوت غُفل مع حرف إذا لم يكن ذلك الصوت مَدّة، وإشباعاً لإحدى الحركات الثلاث.
٩١٢ - ومما يتعلق بهذا الكلامِ القولُ في التنحنح، فمن تنحنح فاتحاً فاه مغلوباً
= العاطس في الصلاة، ح ٩٣٠، والنسائي: السهو، باب الكلام في الصلاة، ح ١٢١٨، التلخيص: ١/ ٢٨١ ح ٤٤٩).
(١) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ٢٦٣ مسألة: ٢٧٨، عيون المجالس: ١/ ٣٢٣ مسألة: ١٥٢، حاشية الدسوقي: ١/ ٢٨٢.
(٢) "فمهما" بمعنى (فإذا).
(٣) "كلاماً" مفعول لـ " عمد " والمعنى: إذا قصد كلاماً خارجاً ....