وما جرى (١) مناقض للصلاة، وإن قلّ الزمان وقصر، وكان القياس يقتضي أن ينزل ما ذكرناه منزلة سبق الحدث (٢). ولكن الأئمة قاطعون بما ذكرته.
فلْيتأَمل طالبُ الحقائق ما ذكرناه. ولو كان ذلك محطوطاً عن المصلي لقرب الزمان فيه، للزم أن يقال: لو تعمد المصلي كشف إزاره وردّه على القرب، لا تبطل صلاته. وقد قالوا: إذا تعمد، بطلت صلاته. ولو طيرت الريحُ الإزار وأبعدته، وكان لا يلحق إلا بأفعال كثيرة، فهذا ألحقوه بسبق الحدث، وخرجوه على القولين.
٩١٠ - ومما فرعه أبو حنيفة (٣) على مذهبه في سبق الحدث، أن المصلي إذا سبقه الحدث، وكان ملابساً ركناً من الأركان، مثل أن كان في الركوع أو السجود، قال: بطل ذلك الركن، فإذا أراد البناء، لزمه العود إلى ذلك الركن.
وهذا فيه عندي تفصيل في مذهبنا المفرع على القديم، فأقول: إن سبق الحدث قبل حصول الطمأنينة، فمضى إلى التدارك، فيعود إلى الركوع، وإن كان ركع واطمأن ثم أحدث، فإذا أراد البناء ففي إلزامه العود إلى الركوع احتمال. والظاهر أنه لا يعود؛ فإن موجب هذا القول، أن الحدث لا يبطل شيئاًً مضى، وأن من سبقه الحدث يبني، ولا يعيد شيئاًً قد تم على موجب الشرع.
فصل (٤):
قال: "ولو تكلم أو سلم ناسياً ... إلى آخره" (٥).
٩١١ - الكلام على عمدٍ مبطل للصلاة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها من كلام الآدميين شيء" (٦) ولا فرقَ بين أن يكون في مصلحة
(١) أي ما جرى من انكشاف العورة.
(٢) أي من جعله على قولين، ولكنهم قاطعون بصحة صلاة من ردّ الساتر على قربِ قولاً واحد. فهذا هو (الغامض).
(٣) ر. البدائع: ١/ ٢٢٣، فتح القدير: ١/ ٣٩١.
(٤) في جميع النسخ (فرع) واخترنا ما جاءت به (ل)؛ لأن هذا بالفصل أشبه.
(٥) ر. المختصر: ١/ ٨٠.
(٦) حديث: "إن صلاتنا هذه .. " رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان، والبيهقي، عن معاوية بن الحكم السلمي. (ر. مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته، ح ٥٣٧، أبو داود: الصلاة، باب تشميت =