الرائي من استعمال الماء على يسر، والصلاة عاصمة شرعاً مانعة من استعمال الماء، (١) فهذا -مع ما فيه من الغموض- معتمد المذهب الجديد.
٩٠٧ - ثم قال أبو حنيفة (٢): من سبقه الحدث في المسجد، فخرج وتوضأ، لزمه أن يعود إلى مكانه من المسجد، وفيه يبني، فلو بنى في بيته على صلاته، لم يجز، وهذا ممّا انفرد به أبو حنيفة، وليس له فيه معتصم.
ونحن نقول: إذا رفع المانعَ الطارىء، وهو في منزله، تعيّن عليه البناءُ حيث انتهى إليه، فلو رجع إلى المسجد، بطلت صلاته؛ فإن هذه الأفعال تجرى بعد ارتفاع المانع، فتقع قادحةً في الصلاة، لا محالة، ثم نأمر الساعي في رفع المانع بأن يقتصر من أفعاله على قدر الحاجة، ولا نكلّفه أمراً يخرج به عن مألوف اعتياده من عَدْوٍ (٣) وبدار إلى رفع الحدث، ولكنه يقتصد، وكما يرعى تقليل الأفعال وتنزيلها على حكم العادة، فكذلك يرعى تقريب الزمان؛ فإن دوام المانع مع التمكن من رفعه استصحابٌ لما يناقض الصلاة.
٩٠٨ - ولو سبق الحدث، ثم استكمل الذي هو صاحب الواقعة الحدثَ، بطلت صلاتُه. وقد ذكر صاحب التقريب أنه لو قطر منه بولٌ سبقاً، فله أن يستتم ذلك البول، ثم يتوضأ، وهذا عندي خطأ إذا كان يمكنه أن يتماسك؛ فإن الذي أتى به حدث على اختيار.
ونحن نقول: لو زاد فعلاً من غير حاجة، وبلغ مبلغ الكثرة، بطلت صلاته؛ فالحدث أولى بالتأثير في الصلاة، إذا جرى على حكم الاختيار.
٩٠٩ - ومما يتعلق بغوامض المذهب أن الأئمة قالوا: لو انكشفت العورة، ثم رد الساتر على قرب، لم تبطل صلاته قولاً واحداً، وطردوا ذلك في نظائر سبقت،
(١) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٢) ر. البدائع: ١/ ٢٢٣، حاشية ابن عابدين: ١/ ٤٠٧.
(٣) في الأصل، وفي (ط) وفي (ت ١): غدو. وساقطة من (ت ٢). والمثبت تقدير منا رعاية للسياق. والحمد لله، صدقتنا (ل).