ذلك على أقرب وجه يقتدر عليه، وإن كثرت الأفعال، ومست الحاجة إلى استدبار القبلة ومشى فرسخاً مثلاً، فإنه يبني على صلاته، ولو أمنى أو أمذى، فالكل على وتيرة واحدة.
فإن قيل: فَلِمَ خصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذكر أشياء معدودة؛ وإذا كان المذهب مبنياً على الخبر بعيداً عن القياس، فهلا اختص بما اشتمل عليه الحديث؟ قلنا: إنما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجري في الصلاة وِفاقاً؛ فإن الرعاف وذراع (١) القيء مما يفرض جريانه في الصلاة إذا تعسر التماسك منهما، وكذلك الرجل المذاء قد يبتلى بالمذي في أثناء الصلاة، فعلمنا قطعاً أن الحديث لو صح، فإنما اختص بهذه الأشياء؛ لأنها الجارية في العرف غالباً، وأبو حنيفة (٢) حكم بانقطاع الصلاة بخروج المني، ونزَّل الإمذاء منزلة الإمناء، وإن كان منصوصاً في الخبر، وألحقَ سبق البول بالرعاف والقيء.
٩٠٥ - ولو تحرّم الماسح على خفه بالصلاة، على طهارة المسح، ثم انقضت مدة المسح أثناء الصلاة، بطلت الصلاة وفاقاً -وإن فرعنا على القديم في سبق الحدث- والسبب فيه أنه قصر، حيث لم يرع قدْر المدة وانقضائها، وكان كالذي يتعمد إلى الحدث (٣).
ولو تخرّق خفُّه في الصلاة وبرز القدم، ففي المسالة وجهان: أحدهما - تبطل الصلاة، كانقضاء المدة؛ فإنه مقصر من حيث لم يرع ضعف الخف، وكان كتقصيره في أمر المدة.
والثاني - أن التخرق كسبق الحدث؛ فإن التقصير لا يظهر فيه.
٩٠٦ - ولو رأى المتيمم الماءَ، فالمنصوص عليه في الجديد أن الصلاة لا تبطل، وليس ذلك كسبق الحدث؛ فإن رؤية الماء في نفسها ليست مبطلة للوضوء حتى يتمكن
(١) كذا في جميع النسخ، والمعروف فيما بين أيدينا من المعاجم: "ذَرْع" فلعل لها وجهاً لا نعرفه، ثم جاءتنا (ل) وفيها: "ذرع".
(٢) ر. البدائع: ١/ ٢٢٢، حاشية ابن عابدين: ١/ ٤٠٦.
(٣) أي يقصد إلى الحدث، وفي (ل) "كالذي يتعمد الإقدام إلى الحدث".