ماسة إلى الألبان، وقد امتن الله تعالى بإحلالها، فقال: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} النحل: ٦٦.
١٠٧٩ - ومما يتعلق بقسم الاستثناء القول في المني، فظاهر مذهب الشافعي أن مَنِي الرجل طاهر، ومعتمد المذهب الأخبار، وهي مذكورة في الاختلافات (١).
وفي منيّ المرأة خلاف، وسببه تردد الأئمة في طهارة بلل باطن فرج المرأة، فلعل من يحكم بنجاسة منيها يقول: هو ليس نجس العين، وإنما ينجس بملاقاة رطوبة باطن فرجها.
وقال صاحب التلخيص: مني المرأة نجس، وفي مني الرجل قولان (٢).
وهذا أنكره الأصحاب عليه، ورأوا القطع بطهارة مني الرجل.
ومن غوامض المذهب ما أبهمه الأصحاب من التردد في رطوبة باطن فرج المرأة، وليس يخفى أن الرطوبة التي في منفذ الذكر إلى الإحليل في معنى رطوبة باطن فرج المرأة، وممرّ المنِيين على الرطوبتين على وتيرة واحدة، فلست أرى بين الرطوبتين والممرّين فرقاً إلا من جهة واحدة، وهي أن ما في الذكر رطوبة لَزِجَة لاحِجة (٣) لا يخرج منها شيء؛ فلا حكم لها، ولا يمازجها ما يمر بها، وأمثال هذه الرطوبات لا حكم لها في الباطن، وبلل باطن فرج المرأة كثيرٌ يمازج، وقد يخرج، ويكاد أن يكون كمذي الرجل، فإذاً ليس ينقدح في ذلك إلا ما ذكره من تصوير الممازجة في إحدى الرطوبتين، وعدم ذلك في الثانية، فكان مَنيَّها يخرج مع شيء من الرطوبة لا محالة، بخلاف منيه.
ثم يبقى بعد هذا تساهل أئمة المذهب في العبارة، وذلك أنهم يقولون: رطوبة باطن فرج المرأة نجسة أم لا؟ وهم يريدون بذلك أن تلك الرطوبة هل يثبت لها
(١) كذا في جميع النسخ، ولعلها: "الخلاف": أي كتب الخلاف، ثم جاءت (ل) فإذا بها سقطت منها.
(٢) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٣) لاحِجَة: في هامش (ت ١): "لَحِجَ في الشيء إذا نشب فيه، ولزمه" مجمل اللغة. ا. هـ.
هذا. وقد سقطت اللّفظة من: (ت ٢)، وكذا من (ل).