فإن كان المالك مع ما ذكرناه، عدلاً ثقة، عند الساعي، وكان لا يتهمه، فلا يحلِّفه، بل يكتفي بقوله.
وإن تصور بصورة مدّعٍ مثل أن يقول: قد أديتُ الزكاة، أو كان الظاهر يخالفه في مثل قوله: ليست الماشية لي، وظاهر اليد يقتضي كونَها له، أو قال: قد قطعت الحول ببيع (١)، ثم استفدت (٢)، فإن انضم إلى مخالفة الظاهر في هذه الصورة، كونُه متهماً عند الساعي، فإنه يحلّفه، وإن لم يكن متهماً عند الساعي (٣) بل كان في ظاهره عدلاً، فهل يحلِّفه؟ فعلى وجهين. ولو كان لا يكذِّبه ظاهر، ولم يكن عدلاً عند الساعي، فالذي ذكره العراقيون أنه لا يحلَّف أيضاًً.
ومن أئمتنا من قال: يُحَلّف.
١٨٤١ - فحاصل المذهب أنه إذا لم يكن الظاهر مخالفاً له، ولم يكن متهماً، فلا يحلّف. وإن كان الظاهر يخالفه وكان متهماً، حُلّف. وإن خالفه الظاهر وكان عدلاً، أو لم يخالفه الظاهر، ولم يكن عند الساعي عدلاً، ففي تحليفه وجهان.
فهذا أصل المذهب، ومستنده ما ذكرته من تأصّل ربّ المال في الزكاة؛ فإليه الرجوع.
١٨٤٢ - ثم حيث قلنا يحلّفه الساعي، فقد ظهر اختلاف الأئمة في أن اليمين مستحبة أو مستحقة؟ وكل ذلك يؤكد ما ذكرته من أن الأصل رب المال، فإن قلنا: اليمين مستحبة، فلا أثر لعرضها، ولا وقع للنكول عنها.
والذي يفرع على ذلك أن الساعي إذا رأى عرض اليمين مستحباً، فالذي أراه أنه على هذا لا ينبغي أن يجزم الأمر باليمين؛ فإن السلطان أَمْرُه ممتَثَل، فإذا أمر، فقد أرهق واقتهر. وقد يخفى على رب المال عقدُ الساعي في أن عرض اليمين ليس بواجب.
(١) في (ت ١): ببيعي.
(٢) استفدت: أي استفدت مالاً استأنفتُ به حولاً جديداً. وعبارة النووي في الروضة: "ثم اشتريته". الروضة: ٢/ ٣٤٠.
(٣) ساقط من الأصل و (ط) و (ك) و (ت ٢)، ومثبت من (ت ١) وحدها.