بل قد رأينا بعض المتأخرين لا يسلم بأن هذه من القديم، ويقول: إنه تتبعها، فوجد أن المذهب فيها موافق للجديد (١).
* فإن كان القولان جديدين، وقد قالهما في وقتين مختلفين، فالعمل بالمتأخر منهما إن علمه.
* فإن كان القولان جديدين، وقد رجح أحدهما، فالعمل بما رجحه.
* فإن كانا جديدين، ولم يعلم السابق منهما، ولم يرجح أحدهما، وجب البحث عن أرجحهما، فيعمل به، فإن كان أهلاً للتخريج أو الترجيح، استقل به متعرفاً ذلك من نصوص الشافعي، ومأخذه وقواعده.
فإن لم يكن أهلاً، فلينقله عن أصحابنا الموصوفين بهذه الصفة، فإن كتبهم موضحة لذلك، فإن لم يحصل له ترجيح بطريقٍ، توقف حتى يحصل (٢).
* فإن كان القولان جديدين، وقالهما في وقتٍ واحد، ولم يرجح أحدهما، فهو ترديد قولٍ، وتوقفٌ عن الفتوى والحكم، وحصرٌ له في هذين القولين.
وحكم العمل في هذه الحالة حكم الحالة السابقة تماماً، من وجوب البحث والترجيح ممن هو أهله ...
ويقول النووي وأئمة المذهب: إن ذلك لم يوجد إلا في ست عشرة أو سبع عشرة مسألة.
ويقول شيخنا الإمام أبو زهرة: (إن الشافعية يحاولون تقليل عدد هذه المسائل تعصباً للشافعي، ظناً منهم أن ذلك يغض من قدره، ويوحي بقصور اجتهاده، على حين العكس هو الصحيح، قال شيخنا: وإنك لترى الرازي كغيره من متعصبي الشافعية يظنون أن كثرة الآراء للشافعي لا تليق به، فيدفعونها عنه، ويقللون عدد المسائل التي
(١) المذهب عند الشافعية، أَخْذاً من نهاية المحتاج: (١/ ٥٠) والفوائد المدنية: ٢٤٢ - ٢٤٨، والشرواني على التحفة: ١/ ٥٤.
(٢) ر. المجموع: ١/ ٦٨.