الصدقات المفروضة إلى مستحقيها، وبذلُ المالك ينقسم وجهُهُ. وهذه الصورة مرتبة على الأُولى، ومنع الرجوع أَوْلى فيها، والفرق لائح.
١٩٢٢ - ولو قال المخرج المالك: هذه صدقته المفروضة، ولم يقل: إنها معجلة، ففيه طريقان: منهم من ألحقه بما إذا ذكر التعجيل، ولم يقيّد بالرجوع.
ومنهم من فَصَل بينهما، بأن الصدقة المفروضة قد تكون حالّة واجبة، وما يطرأ بعد قبضها لا أثر له، فإذا أمكن ذلك، فقد انفصل عن التقييد بالصدقة المعجلة.
١٩٢٣ - فإذاً معنا مراتب: التقييد (١) بالتعجيل والرجوع، يثبت الرجوع فيه وفاقاً.
وفي التقييد بالتعجيل أو العلم به خلافٌ. وإذا كان مقيِّداً بالفرض من غير تعجيل، ففيه تردد. وإن كان مُطلِقاً، ففيه أوجه. وهذه المراتب مترتبة فيما نقصده. كما أوضحنا.
فرع:
١٩٢٤ - إذا كنا نرى الاسترداد عند التقييد، ولا نراه عند الإطلاق، فلو اختلف القابض والمسلِّم فقال المسلِّم: قيدتُ فأَرْجِعُ، وقال القابض: بل أطلقتَ ولم أعلم، فالقول قول من؟
فعلى وجهين: أحدهما - القول قول المالك؛ فإن الرجوع إليه، وهو مؤتمن شرعاً، وقد ذكرنا شواهد ذلك في اختلاف الساعي والمصَّدِّق (٢).
والثاني - أن القول قول القابض؛ فإن المالك اعترف بظاهر التمليك، ثم ادعى ما يُثبت له حقَّ الرجوع والنقض.
ومما يتعلق بتحقيق القول في ذلك: أنا إن صدقنا المالك، فقياسه أنه لو قال: لم أشترط التقييد لفظاً، ولكني نويتُ زكاتي المعجلة قصداً وأنا النَّاوي، فصدّقوني.
فهذا الفرعُ مبني على أنا لا نصدقه؛ فإنا فرعناه على أن التقييد لا بد منه في ثبوت حق الرجوع ظاهراً، والله يتولى السرائر.
نعم إن كنا نثبت الرجوع عند الإطلاق، في أحد الوجوه، فمعناه أنه يصدق في أني
(١) في (ت ١) و (ت ٢): أما التقييد.
(٢) "المصَّدِّق" بتثقيل الصاد والدال، مخففة من المتصدّق بالبدل والإدغام (المصباح).