٢٠٦٤ - ثم ذكر الصيدلاني في كتابه (١) لفظاً مشكلاً، وأنا ناقله، قال بعد الرد على مالك، فيما ذكرناه: "فأما التفاوت بين الميزان، فلا حكم له؛ فإذا خرج بأحد الميزانين مائتا درهم، وجبت الزكاة". هذا لفظه في الكتاب.
وأنا أقول: إن أراد بهذا أن ينقص بميزان ويخرج بميزان آخر مائتين، وهذا لفظه، فليس على ما يقدره؛ فإنا لا نأمن أن يكون الميزان الذي وفى به مختلاً، والميزان الذي نقص به كان قويماً، فإيجاب الزكاة تعويلاً على الوزن الوافي إيجابٌ على تردد، والأصل براءة الذمة عن الزكاة، فلا نشغلها إلا بيقين.
وإن أراد بذكر الميزانين تكرير الوزن، فإن المقدار قد يتفق نقصانه في الظن، في وَزْنةٍ، ثم يتأنَّق الوازن، فَيَفي في كرةٍ أخرى. وهذا الذي يقوله (٢) الفقهاء: "النقصان بين الكيلين لا حكم له". وكذلك ما يقع بين الوزنين.
وهذا إن أراده، فهو غير متابَع عليه، (٣ فإن الوزن حاضر، فإن التبس أمرٌ في كرة، أمكن أن يتثبت في الوزن مراراً حتى يَبين أن ذلك النقصان عن سوء فعل الوازن، ويتوصل في هذا إلى اليقين، الذي لا مراء فيه، فالاكتفاء بالوزن الوافي من غير تثبت مع القدرة عليه ٣) لا معنى له.
وبالجملة النصاب مقدر، ودرك اليقين ممكن، وإيجاب الزكاة بالشك لا سبيل إليه.
٢٠٦٥ - ومما يتعلق بالغرض في هذا أن النصاب نُقْرة (٤) خالصة. ولو كانت الدراهم مغشوشة، فإن بلغت النُّقرة التي فيها خمسَ أواق، وجبت الزكاة، وإلا فلا
(١) كتاب الصيدلاني، معروف باسم طريقة الصيدلاني، وهو شرح للمزني، علقه عن شيخه أبي بكر القفال المروزي (الطبقات: ٤/ ١٤٨، ١٤٩).
(٢) (ت ١): هو الذي نقله الفقهاء.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٤) النُّقْرةُ: القطعة المذابة من الفضة أو الذهب، وقبل الذوب هي تبر. (المصباح)، (المعجم).