فإن قلنا: إنه يصرف إلى الصدقات، فواجب المعادن بذلك أولى، وإن قلنا: إنه يصرف إلى مصارف خمس الفيء، فنقول في نيل المعادن: إن قلنا: واجبه ربع العشر، فهو صدقة، وإن قلنا: واجبه الخمس، فالأصح أنه صدقة، بخلاف واجب الركاز، فإن من صرف واجب الركاز إلى الفيء فمتعلقه أن الركاز مال جاهلي، وهذا لا يتحقق في نيل المعادن.
وأبعد بعضُ أصحابنا، فذكر في واجب المعادن على قولنا إنه الخمس قولاً آخر: إنه يصرف إلى جهة الفيء، وهذا ساقط، غير معدود من المذهب.
ثم من قال: مصرفه مصرف الصدقات، فلا بد من النية، كالزكوات، ومن قال مصرفه مصرف خمس الفيء، فلا يشترط النية أصلاً، ولا ينحو به نحو القُرَب والعبادات.
فهذا منتهى قولنا في هذا الفصل.
٢١٨٩ - فأما الكلام في الركاز: قال العلماء: هو مال جاهلي، في مكان جاهلي، ونحن نوضح المقصود في ذلك، فنقول: نتكلم أولاً في الركاز المأخوذ في بلاد الإسلام، ثم نذكر ما يوجد في بلاد الكفر.
قلنا: ما يوجد في بلاد (١) الإسلام، فالكلام (٢) أولاً في صفته، ثم في مكانه.
٢١٩٠ - فأما في صفته فينبغي أن يكون مالاً من ضرب الجاهلية. فإن كان الموجود دراهمَ من ضرب الإسلام، فليس له حكم الركاز أصلاً. قال الأصحاب: ما يوجد منه لقطة، ثم ظاهر كلام المعظم أن واجده ينحو به نحو اللقطة، فيعرفه سنة، ثم يتخير بعدها في تملكه.
وذكر الشيخ أبو علي في شرح التلخيص: أن ما يوجد على هذه الصفة، فهو محفوظ لمالكه أبداً، وإن أخذه السلطانُ، فهو مال لا يدرى مالكه، فإن رأى حفظَه،
(١) ما بين المعقفين ساقط من الأصل. (غير المتلاشي بسبب البلل، بل خرم في العبارة).
(٢) ما بين المعقفين هنا، وفيما يأتي سببه التلاشي بسبب البلل، فليعرف ذلك بدون التنبيه؛ فإنه يتكرر في كل صفحة عدة مرات.