٢٦٥٢ - ونحن نرسم الآن القول في شرط السعي، وفيما يقع منه موقع الركن، ثم نذكر ما يتعلق بهيئاته، كدأبنا في الطواف:
فأما الشرطُ، فلابد من تقدم طوافٍ معتدٍّ به، ولا يجوز الإتيان بالسعي من غير سبق طواف.
ثم لا يمتنع أن يكون الطواف المتقدمُ نفلاً، والسعي لا يقع إلا ركناً، ولا يتأقت بطواف الإفاضة، بل إذا طاف القادمُ طوافَ القدوم، وسعى، وقع السعي ركناً، ولا يعيده إذا طاف طواف الزيارة، بل لا يؤثر أن يعيدَه، وكان شيخي يقول: تكره إعادته، والأمر على ما ذكر، وليس كالطواف؛ فإن غيرَ الناسك يأتي بما شاء من الطواف؛ فإنه قُربة في نفسه، والسعي تابعٌ، فيقتصر منه على الركن.
ثم إذا تقدم الطوافُ المحسوب، لم نشترط في السعي ما شرطناه في الطواف: من الطهارة والستر، ولا نشترط الموالاة، بين السعي والطواف، بل نقول: إذا تقدم الطوافُ معتداً به، وتخلل بين انقضائه وبين ابتداء السعي فصل طويل، فلا بأس.
قال الشيخ أبو علي: قلت للقفال: ما ترى فيه؟ فقال: لو أتى بالسعي بعد سنةٍ أجزأ، فلا أعرف فيه حداً.
ثم قال الشيخ: ولو طاف طوافَ القدوم، ولم يسْعَ على أثره، ووقف بعرفةَ ثم أراد أن يسعى؛ وصْلاً للسعي بما تقدَّم من طواف القدوم، لم يجُز، وما تخلل من الوقوف فاصلٌ حاجزٌ، وإن كنا لا نشترط الموالاة، فليطف عند الإفاضة، وليسْع.
هكذا قال.
فإن قيل: لو أوقع السعيَ على أثر طواف الوداع، فما قولكم فيه؟ قلنا: هذا مغالطة؛ فإن طواف الوداع، لا يقع إلا بعد الفراغ عن المناسك كلها، فلا اعتداد بطواف الوداع، وعلى الناسك سعيُه. فإذا طاف المُفيض، ولم يسع، وعادَ إلى منى ليرمي، ويبيت على ما سيأتي مناسك منى - فيعتد بتلك المناسك، وإن كان عليه السعي، وقد يؤخر الطوافَ الركنَ إلى انقضاء أيام منى، فلا بأس.
ويخرج منه أنا لا نبعد وقوع تلك المناسك، ممن هو في بقيةٍ من إحرامه.
هكذا ذكره شيخي. وفي قلبي منه شيء والعلم عند الله.