٢٦٥٣ - فأما القول فيما هو أصل السعي، والنازل منه منزلةَ الركن، فالأصل التردد بين الصفا والمروة. ثم أجمع الأصحاب على أنه إذا صدر من الصفا إلى المروة حُسب ذلك مرة في السبع، ثم ينتهي من المروة إلى الصفا، فيحسب ثانيةً، وهكذا إلى تمام السبعة، فيكون الابتداء من الصفا، والختم بالمروة.
وذهب ابن جرير إلى أن الساعي إذا عاد إلى الصفا بعد الانفصال منه، عُد ذلك مرةً واحدة، ثم يفعل كذلك سبعاً، فيتردد بين الميلين أربع عشرة مرة، وذهب إلى هذا أبو بكر الصيرفي (١) من أصحابنا، وعرض تصنيفاً له، فيه ما ذكرناه على أبي إسحاق المروزي، فخطَّ (٢) عليه، فرد التصنيفَ إلى أبي بكر، فأعاده (٣)، واستقرّ على مذهبه هذا، ولا يعتد به أصلاً.
ومكان السعي معروفٌ لا (٤) يتعدى.
ومما يجب اعتباره الترتيبُ، فلو بدأ بالمروة، وصار إلى الصفا، فلا يحسب، وابتدأ سعيه في انفصاله عن الصفا.
فهذا ما يتعلق بالشروط، وما يجري مجرى الركن.
٢٦٥٤ - فأما الهيئات، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَقِيَ الصفا بقدر قامة، حتى بدت له الكعبة، ولا يمتنع أنه قصد ذلك الرقي، ثم قال: " الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده " (٥). فهذا ما صح عنه.
وحسنٌ لو دعا الإنسان بما بدا له، ثم ينزل ماشياً على هِينَتِه، حتى يبقى بينه وبين ميلٍ يراه معلّقاً على ركن المسجد، مقدارَ ستة أذرع، فيبتدئ السعيَ. وكان ذلك الميل
(١) أبو بكر الصيرفي: محمد بن عبد الله. الإمام الجليل أحد أصحاب الوجوه، تفقه على ابن سريج، ومن كتبه شرح الرسالة، توفي ٣٣٠ هـ (طبقات السبكي: ٣/ ١٨٦).
(٢) خط عليه أي ألغاه، وبلُغتنا " شَطَبه ".
(٣) أي هذا الكلام الذي خَط عليه المروزي، و (شطبه).
(٤) ساقطة من الأصل.
(٥) حديث دعاء السعي، ورد في حديث جابر الطويل عند مسلم (الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ح ١٢١٨).