بل ينظر إلى المعنى، وروح الشرع ومقصده؛ فلا يرضى بهذا، ويخالف فيه، فيقول: " وهذا فيه كلام عندي، فلو قرأ شطراً من آية طويلة، فلست أبعد كفاية ذلك، ولا أشك أنه لو قال: (ثم نظر) لم يكف ذلك، وإن عُدّ آية، ولعل الأقرب أن يقرأ ما لا يجري على نظمه ذكر من الأذكار ". اهـ
وهذا كلام واضح مبين، يشهد بأنه ينظر إلى روح الشرع ومقصده، فلا يكتفي بآية تامة (ثم نظر) ويكتفي ببعض آية طويلة إذا أشعر بنظم القرآن، واشتمل على معنى كافٍ.
ومما يتصل بالخطبة أيضاً أنه يوجب الاستماع إلى الخطبة من عدد الجمعة، ولا يكتفي بحضورهم الصلاة من غير استماع إلى الخطبة، ويرى أن ذلك هو المذهب، فيقول: " ومن أنكر وجوب الاستماع إلى الخطبة، فليس معه من حقيقة هذه القاعدة (١) شيء، فيجب القطع على مذهب الشافعي أنه يجب الاستماع إلى الخطبة، وكيف يستجاز خلاف ذلك على طريق الشافعي في مسلك الاتباع؟ ". اهـ
وحقاً وصدقاً أي معنىً لخطبة لا يسمعها المصلون!!
ولا يكتفي وهو يعالج هذه القضية بما قدمناه من رده قول القائلين بأنّ سرد الأركان خطبة كاملة، وقوله: " لا بدّ من فصلٍ مجموعٍ فيه هزٌّ واستحثاث " لا يكتفي بذلك بل يعلن عن ثورته وغضبه على هؤلاء الذين يقفون عند الرسوم والأشكال، ولا يبصرون الحقائق، ولا يحاولون إدراك الغايات، ولا يلتفتون إلى روح الشرع، فيقول معبراً عن ثورته، معللاً سبب قصورهم:
" وإنما بلائي كله من شيئين: أحدهما - أن بني الزمان ليس يأخذهم في طلب الغايات، لا بل في طلب حقيقة البدايات ما يأخذني؛ فلا يهتدون لما أبغيه من مداركها " ويتوقع عدم قبولهم ما يصل إليه من الحقائق، فيقول:
" بل أخاف أن يتبّرموا بها ".
ثم يعلِّل عنايته بهذه الأمور، قائلاً: "ثم الأولين لم يعتنوا بالاحتواء على ضبط
(١) يقصد الاتباع.