فصل
قال: " وإن كانت الشجرةُ مما تكونُ فيه الثمرةُ ظاهرةً ... إلى آخره " (١).
٣٠٠٣ - نذكر في هذا الفصل صورتين: إحداهما - لم يذكرها المزني، وبها البدايةُ، فنقول: إذا اشترى رجلٌ ثماراً على الأشجار، ثم لم يقطعها حتى أخرجت الأشجارُ ثماراً زائدة، لم تكن حالةَ البيع، فلا شَك أنها للبائع، وسبيلُ التقسيم أن نقول: ذلك التلاحق والتجدد لا يخلو إما أن يكون في ثمرة تتلاحق غالباً، وإما أن يكون في ثمرة يَنْدُر فيها التلاحق.
فإن اتفقَ في ثمرةٍ لا تتلاحق غالباً، ولكن اتفق فيها التلاحق، فإن أمكن التمييز، فلا إشكالَ، وإن عسُرَ التمييزُ، واختلط الزائدُ المتجدّدُ بالمبيع الذي كان موجوداً، فلا يخلو إما أن يتفق ذلك قبل التخليةِ بين المشتري وبين الثمار، وإما أن يتفق بعد التخليةِ بينه وبينها.
فإن جرى الاختلاطُ قبل التخلية، وعَسُر التمييزُ فنقول: في أصل المسألة قولان: أحدهما - أن البيع ينفسخ، والثاني - لا ينفسخ.
التوجيهُ: من قال بالانفساخ، تعلق بتعذرِ اجتلافِ (٢) المبيع، واليأسِ من التمكن منه على موجَب العقدِ، فأشبه ذلك تلفَ المبيع، وسنذكر في باب الخراج أن من باع دُرَّةً، فسقطت من يده في لُجّة البحرِ، وأَيِسَ من إصابتها؛ فإن ذلك ينزلُ منزلة التلف المحقق.
والقول الثاني - أن البيع لا ينفسخ؛ فإن عين المبيع قائمةٌ والتصرف فيها ممكنٌ على الجملة، وليس يتعذر رفعُ المانع، كما سنبيّن في التفريع.
فإذا قلنا: البيع ينفسخ، فلو قال البائع: أنا أسمحُ بحقي وأبذله للمشتري؛ قيل
(١) ر. المختصر: ٢/ ١٦٣.
(٢) " اجتلاف " بالجيم: من جلفه جلفاً إذا قشره وكشطه، وقلعه واستأصله. (معجم)، والمراد هنا تعذّر فصل المبيع وقطعه وحده.