مشهورين: أحدهُما - له الردُّ؛ لأنا لو نفذنا ذلك منه، كان راداً ما ملك كما ملك.
والوجه الثاني - لا يرد، لأن الردَّ نقضُ الملكِ المستفادِ من جهة العقد، وهذا ملكٌ جديد وليس الملكَ المستفادَ بالعقد.
وسيأتي لهذا نظيرٌ في المفلس إذا قبض المبيعَ، وزال ملكه، ثم عاد إليه، ثم أفلسَ واطَّرد الحجرُ عليه، فهل يثبت للبائع حقُّ فسخِ البيع؟ فيه من الخلاف ما ذكرناه.
وكذلك إذا زال ملك المرأةِ عن الصداق، ثم عاد إليها، وطلقها زوجُها قبل المسيس، وسنكرّر (١) هذا الخلافَ في كل أصلٍ على حسبِ ما يليق به.
٣١٤٧ - ولو باع رجل عبداً بجاريةٍ وتقابض المتعاقدان العوضين، ثم إنَّ قابضَ العبد وهبه وسلَّمه وعاد إليه بالهبة مثلاً، ووجد قابضُ الجارية عيباً، فلا شك أنه يثبت لصاحب الجاريةِ ردُّها؛ فإن الملكَ فيها لم يتبدل. ولو تلف العبدُ أو عَتَقَ، لثبت لصاحب الجاريةِ ردُّهَا غيرَ أنه في ردّها يرجع إلى قيمة العِوضِ المقابلِ للجارية. فإذا زال الملكُ عن العبد، وعَادَ كما صوَّرناه، فردَّ صاحب الجاريةِ الجاريةَ؛ فإنه يرجع إلى العبد العائدِ، أم إلى قيمته؟ اختلف أصحابنا على طريقين: فمنهم من خرّج استرداد ذلك العبدِ الزائلِ العائدِ على الوجهين السابقين. وهذا القائل يسوّي بين الاسترداد، وبين فرض الردّ في عينِ ما زال وعَادَ.
ومن أصحابنا من قطع بأن العبدَ يسترد عند ردَّ الجارية، وإن اختلف المذهب في أن العبد في نفسه هل يرد إن اطلع على عيبه. والفارق عند هذا القائل أن المستردّ ليس مقصوداً، فلا يشترط فيه ما يشترطُ في المردود المقصود.
فهذا كله فيه إذا كان الخروجُ والعودُ لا بجهةٍ تُثبتُ الردَّ.
٣١٤٨ - ولا نتعدى هذا الفصلَ حتى نذكر ما يليق به من حكم الأرش.
فإن قلنا: إن زال الملك بالجهة التي ذكرناها، لم نتوقع بعدهُ إمكان ردٍّ، وإن
(١) في (ص): وسنذكر.