مطلقاًً، نفذ البيع، ولزم قضاء الحق من ثمنه؛ لأن هذا مستحق بحكم الرهن، فمطلق الإذن محمول عليه. فإنْ شَرَطَ قضاءَ الحق منه، فقد زاد تأكيداً، وصرح بما يقتضيه الإطلاق.
ولو أذن في البيع على شرط أن يوضع ثمنه رهناً، ففي المسألة قولان والحقُّ حالٌّ، كالقولين إذا كان مؤجلاً، فلا يختلف الترتيب في هذا الشرط في الحالّ والمؤجل، فإنَّ نقل الرهن غيرُ مستحق في الحالتين. هذا بيان المسألة.
٣٥٨١ - ثم ذكر الشافعي بعد هذا اختلافاً بين الراهن والمرتهن في كيفية الإذن، والقول مفروض في الدين المؤجل، فإذا باع الراهن الرهنَ بالإذن، ثم اختلف الراهن والمرتهن: فقال الراهن: أذنتَ في البيع المطلق، وقال المرتهن أذنتُ في البيع وشرطتُ أن يوضع ثمنُه رهناً، فظاهر المذهب أن القول قول المرتهن مع يمينه؛ فإن البائع يدعي الإذن على وجه ينقطع فيه تعلق المرتهن، والمرتهن يأبى ذلك، والأصل استمرار تعلقه بحق الوثيقة.
وذكر بعض أصحابنا وجهاً آخر في ذلك، ووجهوه بأن أصل الإذن متفق عليه، و المرتهن (١) يدعي ضم شيء إلى الإذن، والأصل عدمه. وهذا ليس بشيء، والمذهب الأول.
وهذا ذكره شيخي وأنا أحسبه هفوة، فلا يعتد به.
ثم أطنب المزني في التعلّق بمسألة الوكيل الذي شرط له الجعل الفاسد، وقد تكلمنا عليه بما فيه مقنع مذهباً وحجاجاً.
فرع:
٣٥٨٢ - إذا أذن المرتهن في البيع مطلقاًً والدين مؤجل، ثم رجع عن الإذن قبل جريان البيع، صح رجوعه، ونفس الإذن في البيع لا يبطل حقَّ المرتهن، بل الأمر موقوفٌ على جريان البيع على حكم الإذن. فلو اختلف الراهن والمرتهن، وقد جرى الإذنُ في البيع والرجوعُ، فقال الراهن: بعتُ قبل رجوعك. وقال المرتهن: بل رجعتُ قبل بيعك، فالذي ذهب إليه الأكثرون أن القول قول المرتهن؛ فإنه تقابل
(١) في الأصل: المدعي.