هاهنا أصلان: أحدهما - أن الأصل عدم بيعه في الوقت الذي يدعيه، والأصل عدم رجوع المرتهن أيضاًً في ذلك الوقت، فيتقابلان ويبقى أصل الرهن على ما تقرر ابتداء.
ومن أصحابنا من قال: ينفذ البيع؛ فإن الأصل استمرار المرتهن على حكم الإذن الذي سبق منه.
وهذه المسألة تلتفت على اختلاف الزوجين في الرجعة وانقضاء العدة، وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه، إن شاء الله عز وجل.
فصل
قال: " ولو رهنه أرضاً من أرض الخراج، فالرهن مفسوخ؛ لأنها غير مملوكة ... إلى آخره " (١).
٣٥٨٣ - أراد بأرض الخراج سوادَ العراق وكان غنمه المسلمون، واستولَوْا عليه عَنْوة، واقتسموا واشتغلوا بالحراثة وتعلقوا بأذناب البقر، وتقاعدوا عن الجهاد، فاستطاب أمير المؤمنين عمرُ -رضي الله عنه- قلوبَهم عنها، فاستردَّ ها (٢) منهم بعوض وغير عوض، ثم حبّسها على المسلمين، وردَّها على سكان العراق ووظّف عليهم أجرة. هذا مذهب الشافعي، وسيأتي شرحه في موضعه، إن شاء الله عز وجل في كتاب السِّير والجزية، والغرض من ذكره الآن تفصيل القول في رهن تلك الأراضي.
وزعم ابنُ سريج أن عمر باع تلك الأراضي من أهل العراق، وما حبسها وجعل الثمن موظفاً عليهم. وهذا يخالف نصَّ الشافعي، فإن ابن سريج يزعم أن سواد العراق على التأويل الذي ذكره مملوك، فينفذ بيعه ورهنه. ونص الشافعي يصرح بأن تلك الأراضي محبَّسةٌ ممتنعٌ بيعها ورهنها.
قال العراقيون: سواد العراق من عَبَّادان إلى الموصل طولاً، ومن القادسية إلى حُلوان عرضاً، فلو فعل الإمام فينا مثلَ هذا، جاز. والقول فيه يطول، وليس هو من
(١) ر. المختصر: ٢/ ٢١٢.
(٢) ساقطة من النسخ الثلاث.