فيها في الصورة الأولى من الاختلافِ، ومن (١) كان سباقاً إلى ذكر القولين وادّعائهما، فهو غير محيطٍ بأطراف المسألة. وإنما ينشأ القولان إذا فرض تلف المنافع في يد المنتفع، مع قيام الوفاق على الإذن، وفرض الاختلاف بعد ذلك في أنها إذا تلفت مع الإذن مضمونة، أو غير مضمونةٍ. وقد كررنا هذا مراراً، ونحن نطلبُ بتكريره أن يحيط الناظر به علماً.
٤٥١٨ - الصورة الأخيرة في اختلافهما أن يقول المالك لراكب الدابة: قد غصبتنيها، ويقولَ المنتفع: بل أعرتنيها، فلا يخلو إمّا أن يجري ذلك والعين قائمة، أو يجري والعين تالفة: فإن كانت قائمةً، ينقسم القول إلى فرض النزاع متصلاً بحيث لا يمضي زمان معتبر بين تسليم العين وبين إنشاء النزاع، وإلى تقديره بعد مضي زمانٍ من وقت قبض العين.
فإن اتصل النزاع، فلا معنى له، ولا أثر؛ فإنه لم يفت شيء من العين، والمنفعة بالعين مردودة على مالكها.
وإن مضت مدة، فالمالك يدعي أجرة مثل تلك المدة، والمنتفع ينكرها.
قال المزني: قال الشافعي: القول قول الراكب الذي يدعي الاستعارة، وقطع جوابه بهذا.
واختلف أصحابنا على طرقٍ: فذهب القياسون إلى القطع بتخطئته في النقل، ورد الأمر إلى تصديق المالك في نفي الإعارة مع يمينه. وإذا هو نفاها، استحق أجرة المنفعة التالفة تحت يد المنتفع، بها.
وليس ذلك كالاختلاف في الإجارة والإعارة؛ فإن هناك اتفقا على الإذن في الانتفاع، واختلفا وراء ذلك في جهة الإذن. قال (٢): القول قول المالك إلى ادعاء عقد، وهو الإجارة، وتعرضت المنافع على زعم المنتفع، وموجَبِ قوله للتعطيل.
فكان اختلاف القول لذلك، والمالك في هذه الصورة الأخيرة منكر لأصل الإذن.
(١) في الأصل: وما كان سياقاً.
(٢) القائل هو الشافعي، فالكلام في مسألة النزاع في الإعارة والإجارة.