وبمثله لو غصب عبداً فأبق من يده، وغرِم قيمته لمالكه (١) ثم ظفر بالعبد، فيرد العبد ويسترد القيمةَ، والفرق أن ملك المالك لم يزُل بإباق العبد، فيُرَد عليه ملكُه إذا عاد، وقد زال ملك المشتري عن الشقص، ونفذ الردُّ على القيمة، فلا مرد لذلك الرد، ولا تغيير له.
هذا كله تفصيل القول في رد البائع ثمنَ العبد (٢) على المشتري.
٤٧٩٨ - فأما الركن الثاني فيما إذا بذل الشفيع العوضَ للمشتري، وأخذ الشقصَ، فخرج ما بذله مستَحقاً، فالمشتري يُطالب الشفيع بالثمن الآن، وقد تبين أنه لم يوفِّ الثمن الذي كان عليه، ولا يتصور ردٌّ ينقض الشفعة؛ فإن ما يلتزمه الشفيع أبداً يكون واقعاً في ذمته، والعوض الثابت في الذمة لا يطرأ عليه ردٌّ يفسخ الأصل، والاستحقاق فيه غير قادحٍ في أصل التملك. فإن قال المشتري: قد قصرتَ إذْ أديتَ ما لم يكن لك، فيبطل حقُّك بتقصيرك، وتأخيرِك أدَاءَ ما عليك، فلا يخلو: إما أن يقول الشفيع: لم أدر أن ما أديتُه مستحَق، وإما أن يعترف بأنه كان عالماً بكونه مستحقاً إذْ أداه، فإن قال: لم أكن عالماً؛ فالقول قوله مع يمينه، إن مست الحاجة إلى التحليف، ولا تبطل الشفعة.
ولكن إن كان يملك بجهةِ توفيةِ الثمن؟ فهل نقول الآن تبيُّناً: إنه لم يملك الشقص، فعليه إن أراد التملك أن يوفي الثمن؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنا نتبين أنه لم يملك؛ فإن عماد الملك من هذه الجهة التوفية وأداء الثمن، وقد بان أنه لم يؤد الثمن.
والوجه الثاني- أن ملكَه ثابت في الشقص، لجريان القبض حسّاً وصورة، والقبض
من جهات تملك الشقص المشفوع، فيبقى الشقص ملكاً للشفيع، وهو مُطالب بالثمن.
هذا إذا قال: لم أعلم أن ما أديتُه مستحَقاً.
فأما إذا اعترف بكونه مستحَقاً، وبعلمه ذلك حالة التسليم، فهل نقول: يبطل حقه من الشفعة، لما صدر من تقصيره وتأخيره؟ فعلى وجهين. وهذا الخلاف قد قدمتُه بعينه، إذ قلتُ: لو ماطل بعد طلب الشفعة فهل نحكم بأن حقه يبطل أم يتوقف بطلان حقّه على أن يُبطلَه القاضي؟ فإن قلنا: يبطل حقه من الشفعة، فلا كلام. وإن قلنا:
(١) ساقطة من الأصل.
(٢) في الأصل: العقد.