لا يبطل حقه من الشفعة، فهل نحكم بأنه ملَك الشقصَ بقبضه أم لا نحكم له بالملك؟ فعلى وجهين، مرتبين على ما إذا كان جاهلاً بأن ما أدّاه مستحق. وهذه الصورة الأخيرة أولى بأن نقول فيها: لا يحصل الملك.
فهذا تحصيل القول.
وما ذكرناه فيه إذا خرج ما أدّاه مستحقاً، أو خرج زيوفاً.
٤٧٩٩ - فلو لم يكن مستحَقاً، ولكن كان معيباً، وكان من الممكن أن يرضى المشتري به فإذا لم يرض، وردّ، أما الشفعة، فلا تبطل؛ فإنه إن كان جاهلاً، فهو معذور، وإن كان عالماً، لم يبعد أن يقدِّر أنه يُسامَح ويساهَل في قبول ما أدّاه. فإن أبى المشتري إلا الاستبدالَ، فليفعل. والأصح أن ملك الشفيع لا يزول عن الشقص في هذه الصورة.
وفيه وجه آخر ضعيف: أن ملكه يزول، ولعل هذا القائل لا يحكم بثبوت الملك، ثم بزواله، بل يقول: كان الملك موقوفاً على ما يبين (١).
وذكر القاضي صورةً بديعة في سياق هذه المسائل، فقال: لو قال الشفيع حالة تسليم الثمن: تملكتُ الشقص بهذه الدنانير، ثم خرجت مستحَقة، أو رديئة الجنس، فرُدّت. قال: في المسألة وجهان: أحدهما - أنه تبطل شفعته؛ لأنه أعطى ما لا يملكه، وعلّق الاستحقاق به.
والثاني - لا تبطل.
وخصص الخلافَ بالتعيين، وأطلق القول بأن الشفيع إذا لم يقل: تملكتُ الشقصَ بهذه الدنانير، ولكن جرى الإقباضُ والقبضُ مطلقاً، لم ينتقض الملك، ولم تبطل الشفعة.
أمّا ذكر الوفاق عند الإطلاق، فإخلالٌ بذكر خلاف الأصحاب، ولكنه متجه في المعنى.
والتفصيل البالغ ما ذكرناه.
وأمّا ما ذكره في صورة التعيين (٢)، فوجه الخلاف لم يأخذه من اعتقاد تعيين
(١) في (ي): "على تبين".
(٢) في الأصل: فأما ما ذكره أولاً، فوجه الخلاف لم يأخذه ..