العمل والمِلك، فلا معنى للتفاوت في الاقتسام، بل الوجهُ القسمةُ على نسبة الملك، وكأن الذي رضي بالثلث وهب من صاحبه ثلث ثمرة نصيبه، وهي معدومة، لم تخلق.
ولو كانت الثمرةُ موجودةً، لم تصح الهبة أيضاًً؛ فإن الذي جرى ليست صيغةَ الهبة.
ولو شرطا أن يعمل أحدهما ثلث العمل، ويأخذ ثلث الثمرة، ويعمل صاحبه ثلثي العمل، ويأخذ ثلثي الثمرة، فالمعاملة فاسدةٌ على كل حال، ولو لم يكن فيها إلا اشتراكهما في العمل، وقد مهدنا أن اشتراك المالك. والعامل في العمل -إذا جرى شرطاً - فاسدٌ مفسدٌ. ثم الثمار مقسومةٌ نصفين على نسبة الملك، وصاحب العمل الكثير يرجع على شريكه بأجر مثل زيادة عمله.
وينتظم في ذلك عبارتان: إحداهما- أنه يرجع عليه بنصف أجر مثل ما زاد من عمله؛ لأن عمله مِثلا عمل (١) شريكه فيُحطّ مثلُ عمل الشريك، وهو الثلث (٢) فيكون قد زاد عليه بسدس العمل.
والعبارة الثانية- أنه يرجع عليه بأجر مثل ما زاد من عمله على ملكه، وكلاهما يرجعان إلي معنى واحد.
ولو شرطا على أحدهما زيادةَ العمل وشرطا له الاقتصار على نصف الثمار أو على أقلَّ من النصف، فهل يرجع بأجر مثل ما زاد من عمله جملى ملكه، على شريكه؟ فيه الوجهان المقدمان في نظائر هذه المسألة.
فصل
قال: "ولو ساقى رجلاً نخلاً مساقاة صحيحة، فأثمرت، ثم هرب العامل ... إلى آخره " (٣).
٥٠٢٩ - هذه المسألة تداني مسألة هرب الجمال على ما سيأتي مشروحاً في كتاب
(١) في الأصل: على.
(٢) عبارة (ي)، (هـ ٣): فيحط مثل عمل شريكه، وهو السدس.
(٣) ر. المختصر: ٣/ ٧٦.