وشقادف (١) الحجاز، فقد قال أبو إسحاق المروزي: إطلاق المحمل في مثل هذه البقعة كافٍ، وخالفه معظمُ الأصحاب؛ فإن المحامل لا تتوافق في شيء من البقاع، ولا بد وأن تختلف اختلافاًً معتبراً.
٥١٨٢ - ومما يتعلق بالركوب أن المستأجر إذا ذكر أنه يركب الدابة بالإكاف، فلو أبدله بالسرج، جاز، فإن السرج أهونُ، وأخفُّ على الدابة من الإكاف.
ولم يذكر أحد من الأصحاب اشتراط ذكر الوزن في السرج والإكاف، وإنما تعرضوا للوزن في المحامل الغائبة، واكتَفَوْا بالعادة في الإكاف والسرج؛ لأن ذلك مما لا يختلف اختلافاًً به مبالاة.
٥١٨٣ - ومما ذكره الأئمة في ذلك أن قالوا: من اكترى دابة وقبضها، ثم أفلس المكري (٢)، فلا أثر لفلسه في الإجارة، فإن منعنا بيع المكرَى يصْبرُ الغرماء حتى تنقضي الإجارة، ثم تباع الدابة، وتصرف إلى الغرماء. وإن جوزنا بيْعَ المكرَى، فأراد الغرماء البيعَ، جاز لهم ذلك، وإن كانت القيمة تنتقص والرغبات تقلّ، فإنا لا نكلفهم أن يؤخروا حقوقهم رعايةً لغبطة المحجور عليه. وقد ذكرنا لذلك نظائر في كتاب التفليس.
ثم إذا بيعت الدابة، فهي تقِرّ في يد المستأجر إلى أن يستوفي تمام حقه، وتنقضي الإجارة، وذلك واضحٌ لا إشكال فيه.
وكل ما ذكرناه فيه إذا كان المقصود من الإجارة الركوب، وقد وردت على عين الدابة.
٥١٨٤ - فأما إذا كانت الإجارة واردة على الذمة، فيجري في ذلك لفظان: أحدهما - أن يقول: ألزمت ذمتك إركابي إلى الموضع الفلاني، فهذا لفظٌ.
ولا بد فيه من إعلام المركوب، فإن الغرض يختلف بذلك اختلافاًً عظيماً. وقد
(١) الشُّقدُف: بضم الشين والدال، مركب أكبر من الهودج، يستعمله العرب، وكان يركبه الحجاج إلى بيت اله الحرام. جمعه شقادف. (المعجم).
(٢) في الأصل، كما في (د ١): المكتري، والمثبت تقدير منا رعاية للمعنى.