ذكرنا في السَّلَم أنه يجب فيه ذكر الأوصاف المقصودة، فليذكر الجنسَ والنوعَ، وليبيِّن أن المركوب حمار، أو بغل، أو فرس، أو بعير (١)، وذكر الأئمة أنه يذكر أنه ذكر أو أنثى؛ فإن السير يختلف بالذكورة والأنوثة، والذي يدل عليه ظاهرُ كلام الأئمة أن ذلك شرطٌ، وقد رأيت في كلام بعضهم ما يدل على أن ذلك احتياطٌ، وليس بشرط، والمسألة محتملة.
ولم يتعرض أحدٌ من الأصحاب لوصف سير الدابة، وأنها تخطو أو تُهَمْلج (٢)، والذي لا يستراب فيه وجوبُ ذكر ذلك؛ فإن البهائم تختلف في هذا، وما ذكرناه في صفة السير يجري لها مجرى الأوصاف، ومعظم الغرض يتعلق بذلك، وإذا ذكروا الذكورة والأنوثة، فما ذكرتُه أولى بالاشتراط.
فهذا بيان ما يتعلق من الإعلام بلفظٍ يتفق استعماله في إلزام المقصود ذمّةَ المكري.
٥١٨٥ - واللفظ الثاني أن يقول: ألزمت ذمتك تسليمَ مركوبٍ إليَّ أركبه إلى موضع كذا، فهذا يُداني اللفظَ الأول، ولكنهما قد يختلفان في التفريع، كما سيأتي شرحُ ذلك، إن شاء الله تعالى- ثم القول في وصف الدابة كما ذكرناه.
٥١٨٦ - ولا يشترط أن يذكر صحةَ الدابة وقوّتَها، واستقلالَها؛ فإن مطلق العقد يقتضي ذلك، وما يقتضيه مطلقُ العقد، فلا حاجة إلى التصريح بذكره.
٥١٨٧ - ثم إن جرى العقد بلفظ السَّلَم، فيجب تسليمُ الأجرة في مجلسِ العقد، وإن لم يجر لفظُ السلم، وإنما قال: ألزمت ذِمتك، ففص وجوب تسليم الأجرة في مجلس العقد خلافٌ بين الأصحاب قدّمنا ذكره، وهو جار في البيع الوارد على مبيع موصوفٍ في الذمة من غير ذكر لفظ السلم، والسلف.
٥١٨٨ - ثم إذا وردت الإجارة على الذمة، فيتصور فيها الحلول والتأجيل: فالحالّ
(١) (د ١): أو غيرهما.
(٢) تهملج: هملجت الدابة سارت سيراً حسناً في سرعة. (المعجم).