تفرَّعَ عليهما تفريعٌ ملفقٌ أضعفُ منهما، فإن حكمنا على قول العين بأن يدَ الأجير يدُ ضمان، فيتفرع أولاً سقوطُ الأجرة لفوات القِصارة، ونزوله منزلةَ تلف المبيع، والنظر وراء ذلك فيما يضمنه الأجير.
والصور تتشعب، وقد أتيْتُ على أطرافها في كتاب التفليس، وأنا أرتاد الآن منها صورةً تقع وسطاً، وننبّه على طرفها، فأقول:
٥٣٨٨ - كان الثوب على البت (١) يساوي عشرة، فصار يساوي مقصوراً خمسةَ عشرَ، والأجرة المسماة درهمٌ.
أما الأجرة، فتسقط لفوات القِصارة، وأما ما يضمنه الأجير، فالذي أشار إليه كلامُ الأصحاب، وصرّح به المحققون أن الأجير يغرَم قيمةَ الثوب على البت، ونجعل كأن القصارة لم تكن، فإذا اعتقدنا القِصارةَ من طريق التقدير كالعين المبيعة وبائعها الأجير، فإذا فات المبيع قبل القبض، لم يلتزم البائع شيئاً إلا سقوطَ الثمن، فكذلك الأجير، تسقط أجرتُه ويغرَم قيمةَ الثوب غيرَ مقصور، وكأن القصارة لم تقع.
٥٣٨٩ - وهذا يتطرّق إليه إشكال من كتاب التفليس، وذلك أنا إذا فرعنا على أن القِصارة عينٌ، وقد اشترى الرجل ثوباً قيمتُه عشرة، واستأجر من يقْصُره بدرهم، فبلغت قيمةُ الثوب خمسةَ عشرَ، ثم أفلس المشتري، وأجرة الأجير (٢) وثمن الثوب في ذمته، فإذا فرّعنا على أن القصارة عينٌ، وفسخ البائع البيع وآثر الأجير التعلّقَ بالقصارة، حتى لا يضارب، فالثوب يُباع ولا يُصرف من ثمنه إلى الأجير إلا درهمٌ. وباقي التفصيل مذكور في موضعه.
٥٣٩٠ - ووجه التعلّق بالمسألة أنا لم نجعل الأجير راجعاً إلى تمام قيمة القصارة ولم يزد على أجرته، وما ذكرناه قبلُ من أن القِصارة إذا فاتت في يد الأجير، فكأنها فاتت له، يناقضُ هذا الذي ذكرناه الآن، والمصير إلى قصر حقه على الأجرة يوجب أن يضمن الأجيرُ لمالك الثوب أربعةَ عشرَ درهماً. هذا بيّنٌ، فإذاً ينقدح في الصورة
(١) البت: أي قبل القصارة. (الخام) بلغة عصرنا.
(٢) في الأصل: الثوب.