التي ذكرناها وجهان: أحدهما - وهو ظاهر كلام الأصحاب أن القصارة تسقط بجملتها من حساب الضمان، ووجهه ما نبهنا عليه.
والوجه الثاني - أنه لا يسقط إلا قدر الأجرة من القِصارة، والباقي يضمنه الأجير ضمّاً إلى قيمة أصل الثوب.
٥٣٩١ - وذكر شيخنا أبو علي وجهاً غريباً، عن بعض الأصحاب: أنا إذا حكمنا بتضمين الأجير، وجرينا على أن القصارة أثرٌ، فإذا قَصَر، وتلف الثوب المقصور في يده، لم يستحق الأجرَ، وإن حكمنا بكون القصارة أثراً؛ فإنَّ تغليظ التضمين ينافي استحقاق الأجر. وهذا الوجه ضعيفٌ جداً بالغ الشيخُ في تزييفه، وحكم بكونه غلطاً، ولهذا أخّرتُه عن ترتيب المذهب وسياقِه.
هذا كله كلامٌ فيه إذا تلف الثوبُ المقصور في يد الأجير بآفةٍ سماوية.
٥٣٩٢ - فأما إذا تلف بتلاف أجنبي، فذلك يتفرع على الأصلين: أحدهما - أن القِصارة أثر، أو عين، والآخر أن يد الأجير يدُ أمانة، أو يدُ ضمان، وترتيب التفريع أن نقول: إن صرنا إلى أنها أثر، فللقصار الأجرة المسماة؛ فإنه قد أتم العمل، واستحق الأجرة، ثم إن قلنا: يدُ الأجير يدُ أمانة، فلا تبعةَ على الأجير، والأجنبي يغرَم الثوبَ مقصوراً لمالكه.
وإن قلنا: يد الأجير يد ضمان، فلا شك أن قرار الضمان على الأجنبي المتلِف، ولكن الأجير طريقٌ في الغرم، فالمالك يُغرِّم أيَّهما شاء، فإن غرَّم الأجنبيَّ طلب منه قيمةَ الثوبِ مقصوراً، واستقر الضمان.
وإن اختار تغريمَ الأجير غرَّمه قيمةَ الثوب مقصوراً (١) أيضاً، ثم إنه يرجع بما يغرَم على الأجنبي، وللأجير أجرتُه على قولِ الأثر سواء ضَمَّنَّاه، أو لم نضمِّنه.
٥٣٩٣ - وإن جعلنا القصارة عيناً، فليقع التفريع على الأصح، وهو أن الأجنبيَّ إذا أتلف المبيعَ قبل القبض، لم نحكم بانفساخ العقد، فنقول على موجَب هذا: إذا
(١) ما بين المعقفين سقط من الأصل.