عليه الزراعة، للحيلولة القهرية، ثم زرع لمّا تمكّن، واستأخر عن منتهى المدّة، فللمالك القلعُ، وإن كان المكتري معذوراً؛ فإن الحكم لا يختلف بما يطرأ على العاقد، إذا لم يحدث في المعقود عليه منع، وهذا مستغنٍ بوضوحه عن تكلّف بسطه.
٥٤٢٨ - ولو زرع المكتري في أوان الزراعة، ولم يقصّر، ولم يؤخّر، ولكن استأخر الإدراك لبرد الهواء، أو كثرةِ الأنداء، فإذا انقضت المدةُ المضروبةُ والزرعُ غير مدرِك، فالذي ذهب إليه الأصحاب أنه لا يقلع أصلاً؛ لأن المكتري غيرُ مقصر، وهو جارٍ على موجَب العقد والعادة.
٥٤٢٩ - وذكر العراقيون وجهين: أحدهما - ما ذكرناه. والثاني - أن الزرع يُقلع إذا انقضت المدة، وما فرض من عذرٍ، بمثابة ما لو حُبس المكتري، وحيل بينه وبين الزراعة، فهذا العذر لا ينتصب سبباً في وجوب تبقية زرعه.
٥٤٣٠ - ثم إذا رأينا تبقية الزرع، فهو مبقّى بأجرة المثل، وراء المدة المضروبة.
٥٤٣١ - ومما يتم به الغرض أن الزراعة لو امتنع ابتداؤها، لتتابع الأمطار والبرد المفرط، ثم لما انجلى المانع، وزرعَ الزارع، استأخر الإدراك، فهذا محتمَلٌ مترددٌ، يجوز أن يشبَّه بحبس المكتري، ومنعه من الزراعة.
ويظهر أن يُلحق ما يقع من ذلك في ابتداء المدة بما يطرأ بعد الزراعة، فإن الأمور الكليّة الهوائية تنطبق على معاذير الزرع والحرث، والحبس للمكتري لا تعلّق له بالمعقود عليه.
هذا كله فيه إذا ذكر مدةً يسع مثلُها الزرع المذكور.
٥٤٣٢ - فأما إذا ذكر نوعاً من الزرع، وذكر مدة لا تسعه، ولا تفي بإدراكه، مثل أن يستأجر الأرض شهرين ليزرعها قمحاً، أو شعيراً، فمعلوم أن الشهرين لا يفيان بإدراك الزرع المذكور، فيتشعب من هذا مسائل: