وما صححه العراقيون يتجه بشيء ظاهر، وهو أن مقدار الماء يجوز استعمالُه قطعاًً وفاقاً، مع العلم بأنه إذا استعمل، فليس ماءً محضاً، وإذا لم يكن محضاً، فليس الواصل إلى الأعضاء ماء.
ومن تمام البيان في ذلك أن مقدارَ الماء إن كان يأتي على الوجه واليدين، ويقصُر عن الرجلين، فيصحّ غسل الوجه واليدين بهذا المختلط، وفي غسل الرجلين الخلاف المذكور، وإن كان مقدار الماء كافياً لوضوءٍ، صحّ الوضوءُ به، مع الاقتصاد في استعمال الماء، وفي استعمال الفاضل في طهارةٍ أخرى الخلاف.
وإن كان مقدار الماوَرْد في القلَّة، بحيث لا يتبيّن له في الحس أثر في تكميل مقدارٍ، ولا يظهر عند عدمه في الماء قصور في مُدرَك الحس، فلا أثر لذلك المخالِط قطعاً.
فإن قيل: قد ذكرتم في أول الكلام تقديرَ طعم المخالط، فما وجه ضبط القول فيه؟ والأمر يختلف بحِدة الطعم ونقيضها، فإن احتدّ (١) طعمُ الشيء، غلبَ القليل منه، وإن لم يحتدّ (٢)، لم يغلب إلا مقدارٌ زائد. قلنا: أقصدُ (٣) الأمور ووسطها معتبرنا في ذلك.
وقد نجز الغرض من أصل الباب وتفريعه.
فصل
قال الشافعي: "ولا أكره الماءَ المشمَّسَ إلا من جهة الطب ... إلى آخره" (٤).
١٧ - يكره استعمالُ الماءِ المشمَّس في الجواهر المنطبعة، كالرصاص والنحاس
(١) في الأصل: " اتحد " والمثبت من: (د ٣)، (م)، (ل).
(٢) في الأصل: " يتحد " والمثبت من: (د ٣)، (م)، (ل).
(٣) في (د ٣): " قصد "، وكذا في (م)، (ل).
(٤) الأم: ١/ ٣.