يتناول ما لم يدبغ، فأمّا إذا دُبغ استجدّ اسماً جديداً: يسمّى أديماً أو صَرْمَاً أو سخْتِياناً (١).
فإذا ثبت أصل الدِّباغ، فالكلام بعده في ثلاثة فصول: أحدها - فيما يقبل الدِّباغ.
والثاني - في كيفية الدبِّاغ.
والثالث - في حكم الجلد بعد الدِّباغ.
الفصل الأول فيما يقبل الدباغ (٢)
٢١ - فأمّا ما يقبل الدِّباغَ، فالمعتبر عند الشافعي النظرُ إلى طهارة الحيوان، ونجاستِه، في حال الحياة، فكل حيوان كان طاهراً في حياته، فإذا مات طهر جلدُه بالدِّباغ، سواء كان مأكولَ اللحم، أو لم يكن، وكل حيوانٍ كان نجسَ العين في حياته، فلا يَطهُر جلدُه بالدِّباغ.
ثم الحيوانات كلها طاهرةُ العيون إلا الكلبَ، والخنزيرَ، والمتولد منهما، أو من أحدهما، وحيوانٍ طاهرٍ.
وإثبات نجاسة عين الكلب -ردّاً على أبي حنيفة (٣) - يتعلق بالخلاف.
والذي تَمُسّ الحاجةُ إلى ذكره في تمهيد المذهب، أن الدِّباغ جارٍ مجرى الرُّخَص الّتي لا يتبيّن للناظر فيه معنىً يستقيمُ على السَّبْر؛ فإن جلدَ الميتة نجسُ العين كسائر أجزائها، ولذلك يحرُم بيعُ جلدِ الميتة قبلَ الدباغ، فالمتبعُ في كون الدباغِ مُطَهِّراً، حديثُ شاةِ ميمونة.
٢٢ - ثم اختلفَ نظرُ العلماء: أمّا أحمد بنُ حنبل، فرأى التعلقَ بحديث عبد الله بنِ
(١) الأديم: الجلد المدبوغ، والصَّرْم بالفتح والسكون: الجلد وهو معرّب، أصله بالفارسية: (جرم) والسَِّخْتِيان: بفتح السين المشددة وكسرها، وسكون الخاء المعجمة، وكسر المثناة الفوقية، جلد الماعز المدبوغ. معرب أيضاً (المصباح والمعجم).
(٢) زيادة من عمل المحقق.
(٣) ر. المبسوط: ١/ ٢٠٢، بدائع الصنائع: ١/ ٦٣، الهداية مع فتح القدير: ١/ ٨٢، حاشية ابن عابدين: ١/ ١٣٩.