الخلق طلبه، وإن فُرِض طلبُ الفاقد له، فلا يتمادى أمدُ طلبه.
وهذا الذي ذكره حسن في طريق المعنى، وفَرْضُنا وراءه قائم في التقريب إن أمكن.
فرع:
٦٠٠٦ - إذا صادف الإنسان كلباً منتفعاً به، فقد ذكر العراقيون: أنه إذا صادفه في العمران، وقلنا بالتقاط الحيوان فيه، فإنه يعرّفه، ثم يصير أولى من غيره.
ولست أرى الأمر كذلك؛ فإنه لا يتصور جريان الملك فيه، وأحكام الالتقاط تثبت فيما يملك، ثم يعسر (١) التفريع على ما ذكروه؛ من جهة أن الملتقِط إنما يصير أولى باللقطة بعوضٍ يلتزمه، والكلب لا عوض له.
وإن قيل: يعتبر عوضه بمنفعته، فعوض المنفعة لا تتقدّر من غير فرض مُدّة، ثم يلزمهم طرد هذا في الأعيان النجسة المنتفع بها؛ فإنه يثبت فيها حق الاختصاص، والكلب نجس العين، فإن طردوا ما ذكروه في الأعيان النجسة، كان بعيداً.
فرع:
٦٠٠٧ - من وجد لقطة في الحرم، فقد ظهر اختلاف أصحابنا فيها: فمنهم من قال: لا سبيل إلى تملكها، واستدل بظاهر الحديث المشهور المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذْ ذكر الحرمَ، وتحريمَ الله تعالى له، وقال في أثناء كلامه: " لا يُنَفَّر صيدُها، ولا يُعْضَدُ شجرُها، ولا تَحِلّ لُقَطَتُها إلا لمنشد " (٢).
ومن أصحابنا من قال: من صادف لقطة في الحرم، عرّفها، وملكها على قياس اللقطة في سائر البلاد، وتأويل هذا الحديث عند هذا القائل قريب (٣) محتمل؛ فإنه يقول: قطع رسول الله صلى النه عليه وسلم وَهْمَ من يظن أن اللقطة في الحرم لا تعرّف أصلاً، وقد يظن ذلك ظانٌّ فيما يَلقى في المواسم إذا تفرق الحجيج مشرِّقين، ومغرِّبين؛ فإنه يبعد منهم أن ينعطفوا في طلب ما يفقدون، وقد مَدّت المطيُّ
(١) في الأصل: يصير.
(٢) حديث: " لا تحل لقطتها ... " رواه البخاري من حديث ابن عباس: اللقطة، باب كيف تُعَرَّف لقطة أهل مكة، ح ٢٤٣٣، وأطرافه كثيرة، وانظر مواضعها عند الحديث ١٣٤٩، وعن ابن عباس رواه مسلم: الحج باب تحريم مكة وتحريم صيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام، ح ١٣٥٣، وعن أبي هريرة، ح ١٣٥٥.
(٣) زيادة من (د ١)، (ت ٣).