ولو قامت بينتان من المتنازعَيْن في الملك وتقيّدت (١) إحداهما بالسبق، ففي تقديمها قولان سيأتي ذكرهما في الدعاوى، والفرق أن من يثبت له السبق في الحضانة، فلا سبيل إلى إبطال حقه، ويتصور في الملك أن يسبق أحدهما، ثم يزول الملك عنه إلى الثاني، وكذلك في النسب لو سبق أحدهما بالدِّعوة، ثم جاء آخر، ونازع وادّعى النسب، فسبْقُ السابق إلى الدِّعوة لا يُثبت له اختصاصاً في باب النسب، فإن الدِّعوة وإن كانت تقتضي النسب لو تجردت، فهي دَعوى محضة إذا فرضت الدعوى من رجلين.
٦١٣٨ - ولو قامت في النسب بينتان من الجانبين وتقيدت إحداهما بتصديق القائف، أو باختيار المولود، فلا ينبغي أن نقول: تترجح البينة، ولكن الوجه الحكم بتساقطهما، ثم الحكم بإلحاق القائف بعد اعتقاد سقوطهما، وكذلك القول في الاختيار.
فهذه القواعد لا بدّ من الإحاطة بها في النسب والحضانة.
فصل
قال: " ودِعوة المسلم والذميّ والعبد سواء ... إلى آخره " (٢).
ومقصود هذا الفصل الكلامُ في دِعوة العبد، ودِعوة الذمي.
٦١٣٩ - أما دِعوة العبد، فقد نص هاهنا على أن العبد من أهل الدِّعوة، كالحر.
ونص في الدعاوى على أن العبد ليس من أهل الدِّعوة، ولو استلحق نسباً، لم يلحقه، فحصل قولان:
توجيههما: من قال: إنه من أهل الدِّعوة -وهذا القول هو الأصح- احتج بأن الدِّعوة تعتمد إمكانَ العلوق، وتصوّرَ النسب، فإذا كان العبد في هذا كالحر، فليكن بمثابته في الاستلحاق، وليس هذا كما لو أراد حضانةَ طفلٍ؛ فإن السيد يمنعه؛ من
(١) (د ١)، (ت ٣): فتقدرت.
(٢) ر. المختصر: ٣/ ١٣٥.