جهة كونه مستغرَق المنفعة باستحقاق سيده.
ومن قال: العبد ليس من أهل الدِّعوة، احتج بأن العبد لو استلحق نسباً ولحقه، لِتَقَدَّمَ النسبُ على حق الولاء (١) إذا أعتقه مولاه؛ فإنَ الإرث بالبنوة مقدّمٌ على الإرث بالولاء.
وهذا عندي في نهاية الضعف؛ فإن النسب ليس أمراً يُنشأ حتى يقدّر مبطلاً، وكيف يتجه ردُّ قولٍ ممكن ممن هو من أهل الإمكان، لأمرٍ سيكون بعد زوال الرق.
وكان شيخي أبو محمد يطرد هذين القولين بعد نفود العتق، ويقول: إذا استلحق المعتَق نسباً بعد ثبوت الولاء، ففيه قولان؛ بناءً على قطع حق الولاء.
وقد ذكر غيرُه هذا، وردُّ دِعوتِه بعد العتق في نهاية الضعف مع تمكينه من التزوج على سبيل الاستقلال، والتوصل إلى النسب.
٦١٤٠ - ومما يتعلّق بذلك أن الحر لو استلحق نسب عبدٍ، فلأصحابنا طريقان: منهم من قطع بثبوت النسب؛ فإن الحر من أهل الدِّعوة على الإطلاق ولا حجر عليه.
ومنهم من جعل استلحاق الحر العبدَ، كاستلحاق العبد الحرَّ؛ من جهة أن في استلحاق الحرّ قطعَ الإرث المتوهم بالولاء، كما تقدم.
فهذا قولنا في العبد.
٦١٤١ - فأما الذمي، فإنه في الدِّعوة كالمسلم لا خلاف فيه، فإذا استلحق ذميٌّ نسبَ لقيط، ثبت النسب، وفي الإسلام الخلاف الذي ذكرناه.
وقد ذكر أصحابنا وجهين، ونقلهما شيخي والقاضي قولين؛ فإن الشافعي قال هاهنا: " أحببت أن أجعله مسلماًً "، وقال في كتاب الدعاوى: " جعلته مسلماًً "، فانتظم قولان.
٦١٤٢ - ثم إن حكمنا بالإسلام تبعاً للدار، حُلْنا بين الذميّ وبينه، مع الحكم بالنسب، وفوَّضنا الحضانة إلى غيره.
(١) (د ١)، (ت ٣): " في حق الولادة ". وهو خلل بيّن.