التأبيد، والتفريعُ على الأصح، الذي هو الأصل في أن الوصية بالمنفعة على التأبيد إذا لزمت، امتنع (١) منها بيع العين.
فإذا فرعنا على هذا، فقد اختلف أئمتنا فيما يعتبر خروجه من الثلث، فمنهم من قال: المعتبر خروجُ قيمة العين من الثلث؛ فإنها مسلوبة المنفعة في جهة الوصية، والتصرفات ممتنعة على الورثة بحيلولةٍ دائمةٍ، وكأن العين مستهلكة من (٢) حقوقهم، وكأن الوصيةَ واقعةٌ بالرقبة.
ومن أصحابنا من قال: تعتبر قيمةُ المنافع وخروجُها من الثلث؛ فإنها الموصى بها، والسبيل في اعتبارها أن نقول: هذا العبد كم يساوي مع وفور المنفعة؟ فيقال: مائة، فنقول: كم قيمته، وهو مستحق المنافع؟ فيقال: عشرة، فنتبين أن قيمة المنفعة تسعون.
فهذا وجهُ الوصول إلى معرفة قيمة المنفعة، ومعنى اعتبارها من الثلث.
التفريع على الوجهين:
٧٣٨٢ - إن اعتبرنا خروج الرقبة من الثلث، فلا كلام، ومعنى اعتبار الرقبة اعتبار خروج قيمتها موفورةَ المنافع.
فإن قلنا: الاعتبار بخروج قيمة المنفعة من الثلث، على ما أوضحنا معنى ذلك، فالمقدار الذي يُفرض قيمةَ الرقبة وهي مسلوبة المنفعة هل يحسب على الورثة من التركة أم لا يحسب عليهم؛ فعلى وجهين ذكرهما العراقيون: أحدهما - أنها محسوبة على الورثة من التركة؛ فإنها حقهم وملكهم استحقوها إرثاً.
والوجه الثاني - أنها لا تحتسب من مقدار الوصية؛ فإن الموصى بها المنفعة، ولا تحسب على الورثة، لوقوع الحيلولة المؤبدة بينهم وبينها (٣).
هذا أصل القول فيما يحتسب من الثلث، إذا كانت المنافع مؤبدة في مقتضى الوصية.
(١) في الأصل: انتفع.
(٢) في الأصل: في.
(٣) أي لا تحسب على هؤلاء، ولا على هؤلاء، هذا هو الوجه الثاني.