التيمم الثاني إلى العشاء، وإذا تبين أن المطلوب اليقين، وأشير إلى طلبه، لم يخف الغرض بعد ذلك.
ولو كان نسي صلاتين من جنس واحدٍ، وأشكلتا عليه، فلا بدّ من أن يصلي عشر صلواتٍ: صبحين، وظهرين، وعصرين، ومغربين، وعشاءين، ثم على مذهب الخِضْري يتيمم عشرَ مراتٍ، وعلى مذهب سائر الأصحاب، يتيمم، ويصلي صلوات يومٍ وليلةٍ، ثم يتيمم ويصلي صلوات يومٍ وليلةٍ، فيخرج عما لزمه.
٢٢٩ - ومما يتصل بهذا، أن من كان محبوساً في حُش، وموضعٍ نجس، أمرناه بالصلاة لإقامة حق الوقت، ثم أمرناه عند انقضاء ذلك السبب بالإعادة. ولو أدى وقضى بتيمم واحدٍ، هل يجوز أم لا؟ فعلى وجهين، يقرب مأخذهما مما ذكرناه، فيمن نسي صلاةً من خمس صلوات، لا بعينها.
وفي المسألة التي ذكرناها الآن سرّ، سنذكره في قضاء الصلوات، في الباب الذي بعد هذا. إن شاء الله تعالى.
٢٣٠ - ومن هذا الفن، أن من صلّى منفرداً بتيممٍ، ثم أدرك جماعةً، فأراد إعادتها في الجماعة بذلك التيمم بعينه، فإن قلنا: إن الصلاة المعادة سنّة؛ فيجوز إقامتها بالتيمم الأول، وإن قلنا: إذا أعيدت، فالفرض أحدهما لا بعينه؛ ففي إقامتها ثانية بذلك التيمّم بعينه وجهان، كما سبق، والاكتفاء بتيمم واحد في هذه الصورة أولى؛ فإنه لا يجب الإقدام على إعادة الصلاة ثانية، وإن كنّا نقول عند اتفاقها: الواجبة الأولى أو الثانية، ومن نسي صلاة من خمس تحتم عليه الإقدام على كل صلاةٍ من الصلوات الخمس.
فصل
٢٣١ - شرطُ التيمم تقديمُ طلب الماء عليه، ولا فرق بين أن يظهر للماء علامات، من خُضرة، وانقضاض طيورٍ، وغيرهما، وبين ألا يظهر، وإنما يجب الطلب إذا كان يتوقع وجود الماء، على قربٍ أو استبعادٍ (١)، فأما إذا كان المرء يقطع بأن لا ماء
(١) على قرب أو استبعاد: أي قريباً كان أو بعيد كما فسرها بذلك الإمام النووي، قال في =