ولا تمنعني أخوتي وصداقتي له أن أوفيه حقه من التقدير، فقد قال تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) الأنعام: ١٥٢.
وكما أن العدل يوجب أن تقول فيمن تحب: ما هو عليه، فهو يوجب أن تقول فيه: ما هو له.
(وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) هود: ٨٥.
عرفت الدكتور الديب -منذ يفاعته- رجل صِدْق: صِدْقٍ مع نفسه، وصدق مع ربه، وصدق مع إخوانه، وصدق مع الناس أجمعين، مستمسكاً بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
وعرفته قوي الإيمان، عميق اليقين، نير البصيرة، نقيَّ السريرة، يقظَ الضمير، حي القلب، جياش العاطفة، طاهر المسلك، بعيداً عن الريبة.
وعرفت فيه الحماسة والغيرة لما يؤمن به، لا يضن بجهد ولا وقت ولا نفس ولا نفيس في سبيل ما يؤمن به، مدافعاً عنه، وإن خالفه الناس. وقد يغلو في الدفاع عن بعض الفصائل الإسلامية، حتى يكاد يحسبه سامعه من المتشددين، وما هو منهم.
تجسدت فيه الأخلاق العريقة للقرية المصرية -قبل أن تُغزى بآفات الحضارة الحديثة- من الحياء والإباء، والشهامة والوفاء، والبر والصلة، كما يتجلى ذلك في إهداءاته لكتبه، وشكره لشيوخه وزملائه، وكل من عاونه بجهد.
أحسبه كذلك، والله حسيبه، ولا أزكيه على الله تعالى.
وقد تجلت هذه الفضائل التي عُرف بها الديب يافعاً وشاباً، في حياته العلمية المباركة، كهلاً وشيخاً، ومن شب على شاب عليه.
وإذا رأيتَ من الهلال نمؤَّه ... أيقنت أن سيصير بدراً كاملا!
فالدكتور الديب رجل عالم بحاثه دؤوب، طويلُ النفس، دقيق الحس، نافذ البصيرة، متمكن من مادته، قادر على الموازنة والتحليل، له ملكة علمية أصيلة يقتدر بها على الفهم والفحص، والنقد. صبور على متاعب العلم، وللعلم متاعب ومشقات