ولو كان في الأحياء من أصابته نجاسة، فهو أولى من الجنب والحائض بالماء.
وفيه مع الميت وجهان: أحدهما - أن الميت أولى.
والثاني - أن من به نجاسة أولى؛ فإن التيمم لا يصير بدلاً عن واجب إزالة النجاسة في حقه، وإذا صلى، لزمته الإعادة على الرأي الظاهر، والتيمم في حق الميت والجنب والحائض بدلٌ عن واجبهم.
٢٩٤ - ولو اجتمع جنبٌ وحائضٌ انقطعت حيضتُها، فقد ذكر الصيدلاني فيه ثلاثة أوجه: أحدها - أن الحائض أولى؛ لأن حكم حدثها أغلظ.
والثاني - أن الجنب أولى؛ فإن الصحابة اختلفوا في تيمم الجنب، ولم يختلفوا في تيمم الحائض؛ فكان الجنب أحوج إلى الماء. هكذا ذكره الصيدلاني، وهو ضعيف جدّاً، ولم يصح عندي توقيف (١) يثبت في تيمم الحائض من مذهب الصحابة.
والوجه الثالث - أنهما سواء، فيُقرع بينهما.
قال بعض المصنفين: قول التسوية يخرّج على أن الحائض تقرأ القرآن، والجنب لا يقراً، فيختص الجنب بالمنع من القراءة، وتختص الحائض بتحريم الوطء، وغيره من وجوه التغليظ.
ثم ما ذكرناه من القرعة على الوجه الأخير، يظهر خروجه على قولنا: إن ما يقصر عن تمام الطهارة لا يجب استعماله، والماء المفروض مقدار غُسل واحدٍ وقد اجتمع عليه الجنب والحائض.
فإن قلنا، والتفريع على التسوية: الماء القاصر عن الطهر يجب استعماله. فلو قال أحدهما: اقسم الماء بيننا، وقال الثاني: أقرع؛ فإنّك إن قسمت، لم يرتفع حدثُ واحدٍ، فمن الذي يُجاب منهما؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يقسم بينهما؛ لأنا فرعنا على وجوب التسوية بينهما، فإيصال مقدار إلى كل واحدٍ أقرب.
والثاني - أنه يُقرع بينهما؛ ليرتفع حدثُ أحدهما.
٢٩٥ - ولو اجتمع محدث وجنب، والماء مقدار وضوء، وهو يقصر عن الغسل،
(١) في (ل): "ولم يصح عندي ثبثٌ".