على أدائه، وأخر مماطلةً، من غير أن يكون له وطر (١)؛ فللقاضيَ أن يعزره، فأما إذا قامت البينة وهو رادٌّ (٢) ولكنا أوضحنا له: "أن القضاء نفذ عليه ولا يقبل منه تكذيبُ البينة"، فإن كان يدعي إعساراً، فلا سبيل إلى المزيد على الحبس، وإن اعترف باليسار؛ فالظاهر عندنا امتناع التعزير، وفي الحبس مقنع. وفي كلام الأصحاب ما يدل على أن للقاضي أن يعزره.
ثم ما ذكرناه من التعزير ليس حتماً، بل هو إلى رأي الوالي، على ما سيأتي شرح ذلك في كتاب الحدود، إن شاء الله عز وجل.
ثم إن كرر السلطان التعزير حيث يراه، فلا بأس، ويخلَّلُ بين التعزيرين زمانٌ يبرأ فيه عن التعزير الأول؛ فإن الموالاة في العقوبة عظيم.
فإن قيل: هلا قلتم: إذا امتنع الزوج من التعيين، فللقاضي أن يعيّن عليه، كما يطلّق زوجة المُولي بعد المدة إذا امتنع عن الفيئة، على أحد القولين؟ قلنا: المرأة مطالِبة بحقها وهي مضرورة من جهة الزوج، فإنْ قطع الحاكم نكاحاً لإزالة الضرر، لم يبعد، وفي مسألتنا واحدة من النساء لا تتعين لطلب حقها، فلا سبيل إلى تفويض ذلك إلى القاضي.
ثم قال الأصحاب: إذا امتنع الزوج -وتحته ثمان، وأسلم وأسلمن- عن اختيار أربع منهن، وحبسناه، فلا نعزره على الفور، فلعل أ له في التعيين فكراً (٣)، وأقرب معتبر في ذلك مُدَّة الاستتابة (٤).
٨١٦٥ - ثم عليه أن ينفق على جميعهن ما دام ممتنعاً عن اختيار أربع، أجمع
(١) عبارة الأصل: "على أداء الحق به وأخر بما طلبه وطر".
(٢) في الأصل: أراد.
(٣) في الأصل: "عليه في التعيين فكرة" وكنا قدرنا الصواب من عندنا هكذا: "فلعله يُعمل في التعيين فكره" ولكنا آثرنا إثبات ما رواه الرافعي في الكبير: ٨/ ١٢٣. وفي (صفوة المذهب): "فلعل له في التأخير فكرة".
(٤) مدة الاستتابة: أي استتابة المرتد. صرح بذلك الغزالي في البسيط: ٤/ ٥٠ شمال.