الأصحاب عليه، واعتلّوا بأنهن محبوسات بسببه، والزوج قادر على تخليصهن من الحبس، فإذا أدام حبسهن أُلزم نفقتهن.
وهذا المقدار لا يستقل، والوجه أن نقول: إنما تجب النفقة لأن كل واحدة منهن تزعم أنها مستحِقة، والنفقة من حيث إنها كانت من قبلُ مستحقة، ولم يتحقق في حقها على الخصوص ما يوجب إسقاط النفقة؛ فهي على مطالبتها بحقها من النفقة إلى أن يتبين ما يسقطها.
والذي يوضح ذلك: أنه لو لم تثبت لكل واحدة منهن نفقة، فلا سبيل إلى إسقاط نفقتهن بالكلية، ولو أوجبنا نفقة أربع نسوة، فلا يمكن تعيين المستحقة، ولا سبيل إلى وقف النفقة إلى البيان؛ فإنَّ النفقة أُثبتت شرعاً لحاجة ناجزة لا تقبل الوقف. ولو فُضّت (١) النفقة التي ذكرناها عليهن من غير وقفٍ، لما وصلت واحدة منهن إلى نفقة تسد مسداً، فإذا تعذر الوقف، وتعذر إسقاط أصل النفقة، ولم يتجه الفضُّ والتعيين (٢)، فالرجوع إلى اعتبار كل واحدة في نفسها؛ نظراً والتفاتاً إلى الاستحقاق القديم، حتى كأنه لا طَلِبة إلا منها ولا مستحقة غيرها - أولى (٣) معتبرٍ وأحقُّ مرجوع إليه.
ومما يعضد ذلك أن الجاريات في العدة بسبب اختلاف الدين ينزلن عند معظم الأصحاب منزلة الرجعيات في عدة الرجعة، على ما سنقرر ذلك في آخر الباب، إن شاء الله عز وجل. والرجعية تنزل منزلة الزوجة في استحقاق النفقة ما دامت في عدة الرجعة. فقد وضح ما ذكرناه من إيجاب النفقة على الزوج من كل وجه.
٨١٦٦ - ثم الكلام وراء ذلك يُفرض في موت الزوج قبل اتفاق التعيين والاختيار، فإذا اتفق ذلك، تعلق الكلام بفصلين: أحدهما - في العدة، والثاني - في الميراث.
فأما القول في العدة، فليس يخفى أن الزوجة تعتد عدة الوفاة: أربعة أشهر
(١) فضّت: أي قسمت.
(٢) في الأصل: "والقيمة". والمراد التعيين عليه من القاضي.
(٣) أولى: خبر مبتدؤه (فالرجوع إلى ... ).