وهذا ليس على وجهه، فإنا إذا اخترنا الوجه الأول، فمعولنا فيه أنه جرت في الجنين حالة لولا (١) الغرور، لكان يسلم للمولى عُشر قيمة الأم، فقد صار الغرور سبباً في تفويت ذلك. والتعويل في النفي والتثبيت على التفويت، فإن الجاني غرم الغرة، وقد جرت جنايته (٢) بعد تحقق الحرية، فينبغي أن يكون النظر إلى الحالة التي جرت الجناية فيها؛ فإن من قتل جاريةً مزوّجة، لم يلزمه قيمتُها خليّة عن الزوج، وإن كان تقدير ذلك فيها ممكناً لو بقيت، ولكنا نعتبر الصفة التي كانت الجارية عليها حالة الإتلاف.
وهذا (٣) الكلام عري عن التحصيل، فإنه مقبول في حق الجاني على هذا النسق، ولكن لا وقع له (٤)، ولا أثر في حق المغرور، مع ما قررناه من تركه (٥) التفويت.
٨٢٦٣ - فإذا تبين الوجهان ومأخذُهما، وما صار إليه الجمهور، واتجه ما اختاره القاضي، وانفصال هذا الأصل عن مأخذ فداء العبد الجاني.
فما نفرعه على هذا المنتهى أنا إن قلنا: يغرم المغرور للسيد أقلَّ الأمرين، فإنه لا يغرمه له ما لم تسلم له الغرة؛ فإنا نأخذ تضمينه من الغرة السالمة، ثم نعتبر الأقل بناء عليها.
وإن سلكنا المسلك الآخر، غرّمنا المغرور عُشرَ قيمة الأم في الحال، ولم ننتظر حصول الغرة له اعتماداً على التفويت، ونظراً إليه.
فعلى هذا لو كان للجنين وارث سوى الأب المغرور، فقد ذكرنا أنه لا يتصور أن ترثها الأم (٦) مع الأب إذا (٧) كانت الأم رقيقة، أما الجدة أم الأم فترث (٨)، فإذاً للجدة السدس والباقي للأب.
(١) مكان كلمة غير مقروءة في الأصل.
(٢) في الأصل: جناية.
(٣) في الأصل: "فهذا".
(٤) في الأصل: لا يتوقع.
(٥) أي تَرْكه النظر إلى التفويت والبناء عليه.
(٦) زيادة اقتضاها السياق.
(٧) إذا: بمعنى (إذ) وهو استعمال عربي فصيح. سبق أن بيناه، بأمثلته ومصدره ومرجعه.
(٨) زيادة لاستقامة الكلام.