وإذا أقرَّ زيدٌ لعمرو بدار، فليس للذين سمعوا إقراره أن يشهدوا لعمرو -المقر له- بالملك.
فإذاً لا تثبت العنة بشهادة البينة بها على الإطلاق.
٨٣٠٤ - فإذا أنكرَ الزوجُ، حَلَّفَتْهُ الزوجةُ، فإن حلفَ على قدرتهِ على الوقاع، انقطعت عنه الطّلبة وانفصلت الخصومة، وبطَلَ توصلها إلى حق الفسخ، فلا معنى -والحالة هذه- لضرب المدة.
وأمثال هذا وإن كانت جليّة عند فقهاء المذهب، فلا يضر التعرض للتصريح به، فقد يظن ظان أنَّ للسلطان أن يقول: إن كنت صادقاً في ادعاء القدرة، فحققها بوطأة، ولستَ مرهقاً، فالسنة مهلتك ومدتها فسختك؛ فهذا لا سبيل إليه؛ إذ يلزم منه مطالبة القادرين بالوقاع، حتى إن لم يواقعوا في مهلة السنة، طلقت عليهم نساؤهم، أو فسخت الأنكحة عليهم. وهذا لا سبيل إلى اعتقاده في قاعدة المذهب.
وما ذكرناه فيه إذا أنكر العجز وحلف على القدرة، فإن نكل عن اليمين المعروض عليه؛ فالمذهب الذي عليه التعويل: أنَّ اليمين مردودة على المرأة، ثم هي لا تخلو، إمَّا أن تحلف، وإمَّا أن تنكُل، فإن حلفت، ثبتت العُنة في ظاهر الحكم.
والتحق الترتيب بما إذا اعترف الزوج بالعُنة، والحكم أنَّ السلطان يضرب المدة كما تمهد قبل، وإن نكلت، كان نكولها عن اليمين بمثابة حلف الزوج، وقد بان أنَّ الزوج لو حلف، لانفصلت الخصومة بحلفه. هذا هو المذهب المشهور.
٨٣٠٥ - قال الشيخ أبو علي: ومن أصحابنا من قال: لا تثبت العُنَّة بحلفها؛ فإنها مخبرة عن عجز غيرها (١)، وهذا لا اطلاع عليه، فكما لا تثبت العنة بشهادة الغير بها، فكذلك لا تثبت العنة بحلف الزوجة.
وهذا ليس بشيء؛ فإنها قد تطلع بالمخايل الظاهرة على عجزه، وهي صاحبة الواقعة، والأيمان يُكتَفَى (٢) فيها بأمثال ذلك، فإذا جرت نِيط بها حكمها، والدليل
(١) في الأصل: غيره.
(٢) في الأصل: يكفي.