هذا. وقد نجزت فصول (السواد) من كتاب النكاح. ونحن نرسم بعد هذا فروعاً من موئدات ابن الحداد وغيره.
فرع:
٨٣٣٦ - الثيب المالكة لأمر نفسها إذا أذنت لوليها حتى زوّجها من رجل عيَّنَتْه، ثم إنها بعد الحكم بانعقاد النكاح ظاهراً - ادعت أنها أختُ الزوج من الرضاع، فلا يقبل قولها، والإذنُ السابق يكذبها فيما ادعته.
والبكر إذا زوّجها من لا يُجبرها، كالثيب، في التفصيل الذي ذكرناه.
وأمَّا إذا أجبرها أبوها، أو كانت صغيرة فزوّجها، فلما بلغت، ادعت مَحْرَمِيِّة بينها وبين زوجها، قال ابن الحداد: يقبل قولها مع يمينها؛ فإنَّ قولها محتمل، والأمر في ذلك ممكن، فكانت مصدَّقة فيما يرجع إلى نفسها. وإنْ اتهمها الزوج حلّفها. هذا اختيار ابن الحداد، ووافقه على ما قاله معظم الأصحاب.
وحكى الشيخ أبو زيد عن ابن سريج وجهاً آخر، أنه لا يقبل قولها في ذلك، وإن كانت مجبرة على النكاح. هذا ما نقله الشيخ في الشرح.
٨٣٣٧ - وعلى الناظر في أطراف الكلام تأمل: فلتقع البداية بالكلام في المجبرة إذا ادعت مُفسداً في النكاح بعد أن استقلّت وأعربت عن نفسها. فنقول: ما حكاه أبو زيد موجه بجريان النكاح على الصحة ظاهراً، واستنادِه إلى تصرف وليٍّ، فإذا ادعت ما يتضمن قطع هذا الظاهر المحكوم به، لم تُصَدَّق. ووجه ما ذكره ابن الحداد أنَّ ما ادعته من الأمور الباطنة، والنكاح إن جرى إجباراً، فهي المعينة المنظور لها، فإذا استقلت، انعطف استقلالها على الإجبار الماضي.
وهذا الخلاف عندي يبتني ويترتب على ما إذا باع القاضي مالاً على إنسانٍ بحق اقتضى بيعَه، ثم رجع مالك المال؛ وزعم أنه كان قد باعه قبل بيع القاضي أو حبّسه، ففي قبول قوله قولان: أظهرهما - أنه لا يُقبل، وفيه قول آخر معروف: إنَّ قوله مقبول، فإعراب المرأة عن نفسها كإعراب المالك المطْلَق (١) عن ماله وقد جرى حكم الحاكم ببيعة.
(١) المالك المطلق: أي غير المحجور عليه بفَلَسٍ أو غيره.