التباعد، فيخرج من ذلك أن الماء نجس أيضاًً، كما لو كان الإناءُ من جلدٍ نجسٍ.
وإن قلنا: نجاسة الإناء حكميّة، فلا نحكم بنجاسة الماء، ولا نوجب التباعد، وينزل ذلك منزلة ما لو وقع في الماء نقطة بولٍ. وإن نزح من الماء ما نقَصَه عن حدّ الكثرة، فإن جعلنا نجاسة الإناء عينية، فنحكم بنجاسة الماء الآن، سواء أوجبنا التباعد. أو لم نوجبه؛ فإن الماء ناقصٌ الآن، وهو ملاقٍ نجاسةً عينية.
وإن حكمنا بأن نجاسة الإناء حكميّة، فبنُقصان الماء لا يصير الباقي نجساً، وقد تناهى الشيخ وألطف (١) في ذلك، رضي الله عنه.
فرع:
٣٣٤ - إذا كنا نغسل إناءً، أو ثوباً من نجاسة الكلب، فتقاطرت قطرة من غسلةٍ من الغسلات إلى ثوب، والغُسالة غير متغيرة، فهذا ينبني على القواعد الممهّدة في غُسالة النجاسة، وقد ذكر الأئمة عباراتٍ قريبة تحوي الأصول المقدمة، ونزيد وجوهاً يقتضيها حكم الولوغ. فمن أصحابنا من قال: حكم الغُسالة في كل غسلةٍ كحكم الإناء قبيل تلك الغسلة. ومنهم من قال: حكمها حكم الإناء بعد انفصال تلك الغسالة، ومنهم من قال: هي طاهرة إذا لم تكن متغيرة، ومنهم من قال: لكل غسلة سُبْع حكم الإناء.
فالآن نخرّج على هذه العبارات أحكامَ الغسلات.
فلو تقاطرت من الغسلة الأولى، فإن قلنا: حكمها حكم الإناء قبيلها، فيغسل ما تقاطر إليه سبعاً إحداهن بالتراب، كالإناء قبل اتصال هذه الغسالة بها.
وإن قلنا: حكمها حكم الإناء بعد انفصال الغسالة، فالثوب الذي تقاطر إليه يُغسل ستًّا، وينظر: فإن كان استعمل التراب في الغسلة الأولى، فلا يجب استعماله في الثوب؛ نظراً إلى الإناء بعد الغسلة الأولى، وإن لم يستعمل، فيجب استعمالُه في الثوب نظراً إلى الإناء.
وإن حكمنا بطهارة الغسالة، فلا إشكال، وإن حكمنا بأن لها سُبعْ الحكم فيغسل الثوب مرةً واحدةً.
(١) ألطف: أتحف، ومن مأثور كلام العرب: كم أتحف فلانٌ وألطف. (المعجم).