والإجماع منعقد على أصل الخلع. وليس في حديث حبيبة رضا ثابت بالطلاق، ولا جريانٌ بلفظ المخالعة، ولا محملَ لقصة حبيبة إلا ما ذكرناه في الحَكَمين.
ثم قال الشافعي: آية الافتداء في كتاب الله تعالى مقيَّدة بخوف النزاع. وهذا التقييد لا مفهوم له؛ فإنه يخرج على الغالب في العادة؛ فإن الزوجين لا يتخالعان وكل واحد منهما راغب في صاحبه، وقد تكرر الكلام على مثل هذا في المسائل.
وهذه القصة تدل على أن (١) ما يقدمه الزوج من ضرب (٢) لا يحمل على الإكراه على الخلع، وفي هذا سر يليق به، وهو: أن ضرب الزوج إياها يرغّبها في الخلاص منه، فتختار الاختلاع. والإكراهُ على نفس الخلع لا يحدث فيها رغبةً في الخلع، وإنما طلب الخلع منها قهراً، فأتت به قهراً.
فعرض المزني وبعضُ الأصحاب لكلام في أن الخلع لا يوصف بالسنة والبدعة.
ولا معنى للتّسرّع (٣) في ذلك، فإنه بين أيدينا (٤)، وسنذكره مستقصى في الطلاق، إن شاء الله عز وجل.
فصل
قال: "ورُوي عن ابن عباس أن الخلع ليس بطلاق ... إلى آخره" (٥).
٨٦٩٤ - اختلف قول الشافعي في أن الخلع فسخُ النكاح على تراضٍ، أو هو طلاق على مال؟
فالمنصوص عليه في الجديد: أنه طلاق. وهو مذهب أبي حنيفة (٦) واختيار المزني، وهو الصحيح، وبه الفتوى.
(١) زيادة من المحقق.
(٢) في قصة ثابت بن قي أنه كان قد ضربها (راجع حديثها برواياته المختلفة).
(٣) في الأصل: للشرع.
(٤) بين أيدينا: أي سيأتي مستقبلاً.
(٥) ر. المختصر:٤/ ٥٤.
(٦) ر. مختصر الطحاوي: ١٩١، والمبسوط: ٦/ ١٧١، ومختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٤٦٥، مسألة رقم: ٩٨١.