ونص في القديم على أن الخلع فسخٌ، ومذهب (١) عمر وعثمان وعليٍّ أن الخلع طلاق، ومذهب ابن عباس أنه فسخ (٢) وتوجيه القولين مذكور في المسائل.
وأول ما نذكره -قبل استفتاح التفريع- أن من قال: "الخلع طلاق" من مذهبه أن النكاح لا يقبل الفسخ بالتراضي، بل جريان الفسخ فيه موقوف على دفع ضرار، وعلى صفةٍ تُضادّ دوامَ النكاح. وما يكون كذلك، فهو انفساخ، لا يتعلق بالقصد.
٨٦٩٥ - فإذا تمهّد هذا، عُدنا إلى التفريع على القولين: فإذا جعلنا الخلع فسخاً، فهو صريحٌ باتفاق المفرّعين على هذا القول إذا جرى ذكرُ المال، فإن تخالعا من غير ذكر المال، فهذا يتفرع على قول الفسخ، ويتفرع على قول الطلاق.
ونحن نرى أن نؤخّر تفريعه على تفريع القولين، ثم نفرده، ونستقصي ما فيه.
فالخلع مع المال (٣) إذاً صريح في الفسخ، فإذا قالا: تفاسخنا (٤) على مالٍ ذكراه، فالمذهب الأصح: أن الفسخ صريح في إفادة المقصود.
وذكر العراقيون وغيرهم وجهاً أن الفسخ يكون كناية في هذا المقام؛ لأنه لا ذكر له في الشرع، ولا جريان له على الألسنة، والكنايات تتميز عن الصرائح بما ذكرناه.
وظهر اختلاف أصحابنا في المفاداة مع ذكر المال على قول الفسخ. فمنهم من قال: هي صريح كالمخالعة. ومنهم من قال: إنها كناية (٥).
ويقرب الاختلاف في هذا من تردد الأصحاب في لفظ الإمساك إذا استعمل في الرجعة:
فمن أصحابنا من قال: إنه صريح.
ومنهم من قال: إنه كناية.
(١) في الأصل: وهو مذهب عمر وعثمان وعلي.
(٢) في الأصل: خلع.
(٣) في الأصل: الحال.
(٤) في الأصل: "قلنا لا تفاسخنا" وهو تحريف عجيب. والتصويب من المحقق.
(٥) في الأصل: كنايته.