خالعتك على هذه الخمرة، أو على هذا الخنزير (١)، أو على هذه الميتة، وقالت: قبلت، قُضي بوقوع الطلاق رجعياً.
ولست أنكر إمكانَ توجيه هذا؛ فإن من يذكر الخمر لا يبغي غيرها، وليست الخمر مالاً، وليس الخنزير مالاً، وليس يبعد عن قاعدة القياس إبطالُ المقصودِ الفاسد والاعتقاداتِ الحائدة عن موجب الشرع، وبناءُ الأمر على حكم الدين، وكذلك إذا جرى التصريح بذكر الغصب (٢).
ولكن هذا لا يوافق ظاهر المذهب، ومقتضى النصوص. وإن عُدّ هذا الذي ذكرناه قولاً، فيجب لا محالة على مقتضاه أن نُخرِّج في هذه المسألة -وهي مسألة الأب- قولاً آخر من ظاهر المذهب، فكان يجري قولان في المسألتين: أحدهما - أن الطلاق يقع (٣) رجعياً في هذه المسائل، سواء فرض من الأب في حق ابنته، أو فرض بين الزوج وزوجته.
هذا لا بدّ منه على مقتضى الترتيب الذي ذكرناه.
٨٨٤٦ - والذي أراه في هذا المجال أن معظم الناظرين في هذه المسائل المتعارضة، لم يُنعموا النظرَ فيها، ولم يجشّموا أنفسهم دَرْك معانيها، والذي يجب القطع به أن مخالعة الزوج زوجته على مغصوبٍ مع التعرض لذكر الغصب، أو على خمرٍ أو خنزير، مع التعرض لذكرهما يوجب بينونةً وماليةً، كما مهدنا المذهب (٤) فيه.
فبقي لنا النظر في مسألة الأب، وأنا أقول فيها: تلك المسألة مفروضةٌ فيه إذا كان يختلع الأبُ ابنته بحكم الولاية متصرفاً عنها، فذكره (٥) عبدَها مع إضافة الملك إليها مشعر بهذا القصد، وكل من يتصرف عن الغير فيضيف التصرف إليه، فليس قبولُه
(١) مكان كلمة غير مقروءة (انظر صورتها).
(٢) في الأصل: الغصوب.
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) في الأصل: بذالمذهب.
(٥) في الأصل: وكره.