كما يقال: حُل المقيّد، فإضافة الطلاق إلى الزوج تتجه من غير أن يفرض معقوداً عليه.
ثم إذا قصد الزّوج الطلاق، ولم يضف الطلاق إليها، فالذي صار إليه جمهور الأصحاب أن الطلاق لا يقع، كما قدمنا ذكر ذلك.
وذهب طوائف من المحققين إلى أن قصد الطلاق كافٍ، وإن لم يضفه لفظاً وعقداً إليها. وهذا اختيار القاضي، وهو القياس تحقيقاً، فإن الطلاق نقيضُ العقد، وإذا ارتفع العقد، فلا حاجة إلى التنصيص على محلٍّ نطقاً أو نية وقصداً.
وهذا الكلام فيه إبهام بعدُ، فإن الرجل لو قال: أنا منك طالق، وقصد الطلاق، ولم يقصد تطليق نفسه، فالأمر على ما ذكرناه.
وإن قال: أنا منك طالق، ونوى تطليق نفسه، فكيف السبيل؟ وعلى ماذا يحمل هذا القصد؟ وهل نقول: الطلاق صريح ولا حاجة فيه إلى التعرض للمحلّ؟
أما مذهب الجمهور، فبيّن، وأما المذهب الآخر، فقد بان منه أنه إن (١) لم يقصد إلا الطلاق على الإطلاق، كفى، وإن جرّد قصده إلى تطليق نفسه، فالوجه عندنا ألا يقع، لأن كونه محلاً لإضافة الطلاق -و (٢) ليس محلاً للعقد، ولا استحقاق للمرأة فيه - بعيدٌ (٣) فهذا كلام لا يستد (٤) مطلَقُه، حتى يصرف بتأويل إلى مصرفٍ صحيح.
ثم الجمهور قالوا: ينصرف إليها، وقال آخرون: يكفي أن يقطع عن تخصيصه بنفسه، فأما تنفيذه مع تجريده القصد في إضافة الطلاق إلى نفسه فبعيدٌ جداً.
وقد ذكر بعض الخلافيين أن اللفظ صريح، وإن قصد تطليق نفسه، وهذا لا احتفال به. وشبّه مشبهون هذا بما لو قال لامرأته: أنت الطلاق، من حيث إن لفظ الطلاق جرى على صيغة مستبشعة حائدةٍ عن جهة العرف في الاستعمال.
(١) زيادة من المحقق.
(٢) "وليس محلاً للعقد" (الواو) هنا واو الحال. فالمعنى: والحال أنه ليس محلاً للعقد، ولا استحقاق للمرأة فيه ...
(٣) بعيدٌ: خبر (أن) في قوله: لأن كونه محلاً لأضافة الطلاق.
(٤) لا يستدّ: أي لا يستقيم.